من يراقب موظفيه يمت هماً

عندما يحتاج العمال في سبوتيفاي لوحة مفاتيح جديدة يذهبون الى الرف ويأخذون واحدة. لا توجد نماذج لملئها ولا أحد لطلب الاذن منه. هناك فقط لافتة كتب عليها تكلفة كل لوحة مفاتيح.
هذا ما قاله كريستيان ليندول، ولقبه في شركة بث الموسيقى هو «قائد فريق المدربين»، لنا في مؤتمر للموارد البشرية عقد في برشلونة مؤخرا.
كان حديثه يدور حول اعطاء سبوتيفاي لفرق العمل الحكم الذاتي. وبدا أن وظيفته هي مساعدة فرق العمل وليس أن يحوم فوقهم. «الناس لديهم دوافع ذاتية وهم يريدون أن يقوموا بعمل عظيم»، على حد قوله.

مايكل سكابنكير

اعداد عمليات الموافقة على المعدات في مكان العمل لا تتداخل مع هذا الهدف وحسب، بل تؤدي أيضا الى زيادة التكلفة. ويضيف «يكون الأمر أرخص اذا ما أعطي شخص ما لوحة المفاتيح بدلا من المرور بعملية جمع الموافقات خلال مجموعتين تستغرق أسبوعا».
واذا حكمنا من خلال التعليقات على موقع وظائف غلاسدور، يرى بعض الموظفين في هذه الفرق المستقلة أنها «فوضى» و«عملية مكررة» و«جهود غير منسقة». لكن %87 يقولون انهم سوف يوصون بالشركة لصديق.
كمستهلك، أجد خدمة سبوتيفاي مرضية تماما. لكن أشعر بالرضا نفسه حيال أمازون أيضا، التي يوصي %64 فقط من الموظفين بها الى صديق، وفقا لموقع غلاسدور. ويعكس تعليق أحد الموظفين: «الناس الذين يرتكبون أخطاء طفيفة يعاقبون والاستراحات محدودة وارهاق العاملين وجعل الناس يكرهون العمل»، التغطية الصحفية الأخيرة التي قالت ان أمازون تستخدم بيانات مفصلة لرصد أداء كل من المديرين والموظفين من ذوي المستويات الأقل.
سبوتيفاي تثق بك، في حين أمازون تراقبك. الشركتان من نجوم العصر الرقمي، في حين يوضح الفارق بينهما الانقسام الحاد في عالم العمل. بعض الشركات تعطي موظفيها الحرية في حين تستخدم أخرى التكنولوجيا الحديثة لتتبع كل حركة يقومون بها.
تقليديا، هذه الفجوة في الثقة موجودة داخل الشركات وليس بينها، وفقا لدراسة ممتازة اتسمت ببعد النظر أعدت في عام 2001 من قبل كلية جادج لادارة الأعمال في جامعة كامبريدج وكلية ستوكهولم للاقتصاد. حيث كان المديرون موثوقا بهم أما العاملون فلا.
ماكس ويبر، المحلل الألماني الكبير المختص بتحليل الشركات، «حدد حقيقة أن الشخصيات البارزة في البيروقراطية تعمل وفق تقديرها الخاص، لأنها هي التي تصوغ القواعد بدلا من اتباعها».
كبار الشخصيات لم تستحق دائما هذه الثقة، بطبيعة الحال. في أي حال، بدأت فكرة أن البعض يجب أن يكونوا فوق القواعد والقانون بالانهيار في ستينات القرن الماضي، خصوصا في الثمانينات مع ظهور فكرة ثقافة الشركات.
وتقول دراسة كامبردج / استوكهولم ان تعميم توم بيترز وروبرت ووترمان لثقافة الشركات في دراستهما «البحث عن التميز»، فهمت على أنها خطوة لمكافحة البيروقراطية» التي تطمح الى استبدال القواعد بالقيم.
تلك القيم ملزمة للجميع في الشركة، وبخاصة العاملون والمديرون على حد سواء. ويعني ذلك أنه يمكن تخويل وتمكين الموظفين و«ادارتهم بشكل مباشر أقل». وبدلا من صياغة ووضع مجموعات كبيرة من القواعد، كان يتم تعليم العاملين ضمن ثقافة الشركة. وبعد أن يدركوا القيم يتركون بعد ذلك المضي في أعمالهم من دون رقابة مفرطة.
لم يكن الأمر دائما على هذا النحو. العديد من الشركات لا يزال لديه الكثير من القواعد. لكن هذا كان مثاليا. الآن ينهار النموذج القديم لثقافة الشركات تحت وطأة المنافسة العالمية، ووضع حد للراتب النهائي لمعاشات التقاعد والتوظيف غير الآمن وعمل الوكالات والاستعانة بمصادر خارجية.
واذا لم يعد الناس آمنين في شركاتهم، فان كل شيء يتغير بعد ذلك. «لماذا يجب أن يلتزم الأفراد بقيم مؤسسة تعلقهم بها عابر؟» بحسب ما يقول بعض معدي الدراسة.
المراقبة اللصيقة التي تتبعها أمازون واحدة من ردود الفعل على ذلك، والفرق المستقلة التي تتبعها سبوتيفاي هي رد فعل آخر. لماذا يتصرف الموظفون في فرقهم المستقلة بطريقة جديرة بالثقة؟ لأنه، في عالم قد يتنقلون فيه من شركة لأخرى، فان سمعتهم الخاصة وعلاماتهم التجارية الشخصية هي أصل حيوي ومهم.
عند الانتقال الى مؤسسة أخرى، تريد للآخرين أن يتذكروك على أنك شخص موضع ثقة. وكلما تمتعت بمهارات وتنقلات أكثر، كلما اعتقد صاحب عملك أن سمعتك تعني لك الكثير.
السمعة أمر مهم للجميع، لكن لايملك الجميع مهارات وتنقلات تعتبر نادرة أو قابلة للنقل. وكلما كنت في سلم وظيفي متدن، كلما اعتقد أرباب العمل أنك يجب أن تكون خاضعا للرقابة.
هناك عنصر طبقي في هذا الأمر. فعالم العمل الجديد منقسم بشكل فظيع. وثقافة المساواة في الشركات لم تكن سوى مجرد لحظة عابرة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.