قرعت احصائية تربوية حديثة، حصلت القبس على نسخة منها، أجراس الخطر إزاء تزايد المشكلات السلوكية بين ذوي الإعاقة في مراحل الدراسة، مشيرة إلى أن حوالي 330 من أبناء هذه الفئات تعرضوا للعنفين البدني واللفظي.
ورصدت الإحصائية العدد الإجمالي للحالات السلوكية التي تعامل معها الباحثون الاجتماعيون في مدارس ادارة التربية الخاصة بواقع 467 مشكلة، حذرت الاستشارية النفسية والتربوية في مجال التربية الخاصة د. نبهة طربوش من تزايد المشكلات السلوكية بشكل مستمر في الدول العربية والخليجية بشكل عام وفي الكويت على وجه الخصوص، لاسيما بين الاشخاص من ذوي الاعاقة، نظرا لعدم تكيفهم مع متطلبات المجتمع المحيط بهم، ونقص الإدراك العقلي أو الحسي للمثيرات المحيطة بهم وتقييمها بشكل يتناسب مع السلوك الاجتماعي المتعارف عليه.
أين المراكز؟
وأرجعت سبب انتشار المشاكل السلوكية بين ذوي الاعاقة في الكويت إلى عدة أسباب منها: عدم وجود مراكز متخصصة في تعديل السلوك بوجود كوادر تدريبية مؤهلة ومتخصصة، وانعدام الاختبارات التشخصيية التخصصية ووسائل التدريب السلوكية والذهنية وكذلك الفصول المجهزة التي تتناسب وظروفهم، اضافة إلى عدم توفير الدورات التدريبية التثقيفية لأولياء الأمور.
وزادت بالقول: كما تفتقر مدارس التربية الخاصة إلى إدارة تربوية متخصصة مشرفة على آلية سير العمل لتحقيق الهدف المطلوب في تعديل سلوك الأطفال والطلبة، لافتة إلى أن انعدام التواصل الإيجابي بين المدرسة والأسرة لتوعية اولياء الأمور بحالة أبنائهم ومساعدتهم على تخطي تلك الصعوبات بالتعامل مع أبنائهم، ساهم أيضاً في انتشار هذه المشاكل بين طلبة التربية الخاصة.
إحصائية نفسية
واستعرضت طربوش احصائية نفسية حول انتشار المشكلات السلوكية بين ذوي الاعاقة في منطقة الخليج، حيث أظهرت أن %2.87 من ذوي الاعاقة الذهنية يعانون مشكلات سلوكية، مبينة أن العناد هو الأكثر انتشاراً بينهم بنسبة %9.31، يليه القلق %3.61، ومن ثم مشكلة العدوان بنسبة %4.11.
وأشارت إلى انتشار المشكلات السلوكية بين الذكور بشكل أكبر من الإناث، وأن العناد هو من أكثر المشكلات السلوكية انتشاراً بين الذكور يليه العدوان ثم الحركة الزائدة، فيما تبين أن الخجل هو الأكثر انتشاراً بين الإناث.
ولفتت إلى انتشار المشكلات السلوكية بشكل اكبر بين الأطفال من المعاقين ذهنياً من سن 8 سنوات فما فوق، في حين أنها لا تنتشر بين ذوي الاعاقة ممن هم دون 8 سنوات، معللة ذلك بعدم قدرتهم على التعبير عن احتياجاتهم لفظيا حيث يلجأون الى التعبير عنها عن طريق العدوان.
وأفادت بأن القلق يعتبر من أكثر المشكلات السلوكية انتشاراً بين الفئة العمرية من13 فما فوق، فيما تنتشر مشكلة الخوف بين الفئات العمرية التي تتراوح ما بين 8 إلى 12 عاما، يليها العدوان ثم العناد، بينما ينتشر الخوف والخجل بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات.
انتشار المشكلات
وحول مدى انتشارها تبعا لنوع الاعاقة، ذكرت طربوش أنه كلما زادت شدة الإعاقة، زادت المشكلات السلوكية عند الأطفال المعاقين، لافتة إلى أن الكذب هو أكثر المشكلات السلوكية انتشاراً لدى ذوي الإعاقة البسيطة، بينما ظهر القلق كأكثر المشكلات السلوكية انتشاراً عند ذوي الإعاقة المتوسطة نظرا لوجود الكثير من التدني في بعض القدرات الجسدية والحسية عند ذوي الإعاقة المتوسطة، الأمر الذي يجعلهم أكثر قلقاً من التواصل مع المجتمع والقلق على مستقبلهم.
وواصلت بالقول: وتبين أن أكثر المشكلات السلوكية انتشاراً عند ذوي الإعاقة الشديدة هي الخجل، حيث إنهم يميلون إلى عدم الظهور أمام المجتمع، وغير قادرين على الانخراط في الكثير من الأنشطة؛ نظراً لقدراتهم المتدنية؛ ما يجعلهم يخجلون من واقعهم ويحجمون عن إظهار قدراتهم أمام الآخرين.
كما رصدت احصائية تربوية حديثة – حصلت القبس على نسخة منها – اجمالي الحالات السلوكية التي تعامل معها الباحثون الاجتماعيون في مدارس ادارة التربية الخاصة، بلغ 467 وتم فتح ملفات لعدد 98 من الطالبات والطلاب الكويتيين وغير الكويتيين.
وتضمنت الحالات السلوكية عدوانا لفظيا وبدنيا على المعلمين وعدوانا لفظيا وبدنيا على الطلاب، وإتلاف ممتلكات الغير، والسرقة، والتدخين، والغش في الامتحانات، وهروب من الحصص، والعناد، وفرط الحركة وعدم التركيز، إضافة إلى مشكلات أخلاقية وتناول مسكرات ومخدرات.
العدوان اللفظي
وأظهرت الإحصائية أن أكبر عدد من المشكلات السلوكية التي تعامل معها الباحثون الاجتماعيون من خلال السجل؛ كانت مشكلة العدوان اللفظي على الطلاب؛ حيث جاءت في المرتبة الأولى بعدد حالات بلغ 186 مشكلة، منهم 121 من البنين (84 كويتياً، 37 غير كويتي)، فيما وصل عدد البنات إلى 65 منهن 52 كويتية و13 غير كويتية.
وحظيت الاعاقة العقلية بنصيب الأسد في مشكلة العدوان اللفظي على الطلاب بواقع 100 حالة، تليها الاعاقة الحركية بمعدل 58 حالة وسمعية بعدد 23 حالة وخمس حالات اعاقة بصرية.
وجاءت مشكلة العدوان البدني على الطلاب في المرتبة الثانية بعدد 144 حالة منهم 133 بنين ما بين 83 كويتياً و51 غير كويتي، أما بالنسبة للبنات فكان عددهن 11 بنتا منهن 8 كويتيات و3 غير كويتيات، وتم توزيع هذه المشكلة حسب الاعاقة كالتالي: 59 اعاقة عقلية، 19 سمعية، و4 حالات لإعاقة بصرية و62 حركية.
فيما تساوت في المرحلة الثالثة مشكلتا الهروب من الحصص مع مشكلة العدوان اللفظي على المعلمين؛ حيث بلغ كل منها 41 حالة، ومن ثم جاءت مشكلة العناد في المرتبة الرابعة بعدد 16حالة، تلتها مشكلة فرط الحركة وعدم التركيز بواقع 13 حالة، بينما احتلت مشكلة السرقة الترتيب السادس بمعدل 6 حالات منهم خمس حالات للاعاقة العقلية، وتضمنت حالات الغش خمس حالات، وجاءت مشكلة التدخين في ذيل قائمة السجلات بحالة واحدة تعود لطالب.
وخلت سجلات الخدمة الاجتماعية التي يتعامل معها الباحثون الاجتماعيون من مشكلة تناول مسكرات ومخدرات.
وبحسب الإحصائية، تبين أن أكثر المشكلات السلوكية التي تعامل معها الباحثون الاجتماعون من خلال الملف كانت العدوان البدني على الطلاب بعدد 26 حالة، وتعود غالبيتها للاعاقة العقلية منهم 24 بنين ما بين 17 كويتياً و7 غير كويتي، واثنتين من البنات إحداهما كويتية والآخرى غير كويتية.
وجاءت مشكلة العدوان البدني على الطلاب عند البنين في المرتبة الأولى، تلتها مشكلة العدوان اللفظي على الطلاب بواقع 25 حالة منهم 15 بنين ما بين 14 كويتيا وحالة واحدة لغير كويتي، بينما بلغ اجمالي البنات 10 حالات منهن 7 كويتيات وثلاثة غير كويتيات، واحتلت مشكلة فرط الحركة وعدم التركيز الترتيب الثالث بعدد 14 حالة، تتبعها مشكلة الهروب من الحصص بمعدل 10 حالات أكثرهم للبنين، ومن ثم المشكلات الأخلاقية بواقع 9 حالات، و7 حالات عناد وأخيرا ثلاث حالات سرقة.
اختبارات تشخيصية
في حين ألمحت نوهت طربوش الى أن كل الأطفال، سواء من ذوي الاحتياجات الخاصة أو الأسوياء، يعانون مشاكل سلوكية واضطرابات انفعالية في جميع المراحل العمرية، طالبت بضرورة وجود اختبارات تشخيصية في مدارس وزارة التربية تدرس حالة الطالب سلوكيا قبل دخوله للمدرسة للتعرف على المشاكل التي يعانيها وإيجاد الحل المناسب لها.
الاختصاصي النفسي
شددت طربوش على أهمية دور الاختصاصي النفسي في المجال المدرسي من خلال تقديم خدمات العلاج والنفسية، اضافة الى إرشاد مختلف فئات الطلاب وتعديل السلوك العدواني للطلاب ومعالجة كثير من السلوكيات غير المقبولة الأخرى مثل الإهمال الزائد في المدرسة والواجبات المدرسية وعلاج مشكلات الغيرة بين الزملاء من الطلاب، ومشكلات عدم التكيف النفسي والانسحاب وضعف التحصيل وصعوبات التعليم وعلاج كثير من العادات السلوكية الخاطئة وغير المقبولة مثل قضم الأظافر ومص الأصابع والتبول اللإارادي والقلق والخوف من الامتحانات.
المهارات التعليمية
أشارت طربوش إلى تأثير المشاكل السلوكية في عملية اكتساب المعاق للمهارات التعليمية اللازمة وتكيفه مع البيئة الأسرية والمجتمعية، لافتة الى أنها تختلف باختلاف الإعاقة التي يعانيها المعاق، والتي قد ترتبط بمجموعة من المتغيرات الشخصية والاجتماعية والأسرية.
دور التربويين
شددت طربوش على أهمية دور التربويين والباحثين الاجتماعيين في تعديل السلوك السلبي لطلبة مدارس التربية الخاصة وتحويله إلى آخر إيجابي، منوهة بصعوبة علاج أي مشكلة سلوكية سواء لفئة الأسوياء أو المعاقين في المراحل العمرية المتقدمة، لذا يجب التدخل المبكر في علاجها بالتعاون مع المدرسة والاسرة والمعلم أو المتخصص النفسي.
المرحلة الابتدائية
قالت طربوش: إن المشكلات السلوكية تعد من أخطر العوامل التي يتوقف عليها نجاح الطفل في حياته، كما تعد مرحلة التعليم الابتدائي من أهم المراحل التعليمية في حياة الإنسان، نظرا لأنه يتلقى خلالها أولى التجارب المعرفية، بعد خروجه من نطاق الأسرة، ومن ثم تتأكد أهمية المشكلات السلوكية والاجتماعية التي يمكن أن يعانيها طلاب هذه المرحلة، موضحة أن الطلاب في المرحلة الابتدائية بصفة عامة والطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم بصفة خاصة، تظهر لديهم الكثير من المشكلات السلوكية أبرزها «العدوان- الانطواء- الكذب».
منهج أخلاقي
طالبت طربوش بتوفير منهج أخلاقي تربوي سلوكي يطبق بشكل عملي من قبل متخصصين في وزارة التربية والمدارس لتعزيز القيم الأخلاق التي تحد من انحراف السلوك لدى طلبتنا، وتكون بمنزلة الواعظ الديني لديهم.
آلية العلاج
قدمت الدراسة التربوية جملة من المقترحات والآليات التي من شأنها أن تسهم في علاج المشاكل السلوكية لدى ذوي الاعاقة وتعديل سلوكهم منها:
1- الاهتمام ببرامج تعديل السلوك الموجهة للمعاقين ذهنياً كونهم أكثر الفئات التي ينتشر بينها المشكلات السلوكية.
2- إعداد برامج التأهيل النفسي والاجتماعي لذوي الإعاقة الشديدة، ودعم تواصلهم مع المجتمع المحيط.
3- إتاحة الفرصة للمعاق ذهنياً للتعبير عن احتياجاته ومهاراته، وتنمية ميوله، الأمر الذي يعزز من تكيفه مع البيئة المحيطة، ويقلل من حدة المشكلات السلوكية التي يواجهها.
4- ضرورة الكشف المبكر عن المؤشرات الأولية للمشكلات السلوكية عند المعاقين، والتدخل في حلها قبل تفاقمها وتأثيرها على جوانب نمائية كثيرة عند المعاق.
5- إعداد البرامج التي تبصر المعاق بذاته وبقدراته، وتوجهه للمستقبل بناء على هذه القدرات، مما يقلل من حدة القلق الناجم عن القصور في قدراته.
6- الاهتمام بدعم الفتاة المعاقة من النواحي النفسية والانفعالية والاجتماعية، ورفع مستوى ثقتها بذاتها، وإدماجها في الأنشطة والبرامج الاجتماعية وإعطائها الدور والفرصة للمشاركة.
قم بكتابة اول تعليق