بمجرد أن أثير خبر توزير د.سلوى الجسار لحقيبة «التربية»، انتشرت تلك الشائعة بين المغردين في «تويتر» كالنار في الهشيم، فترك الجميع أعمالهم ورمَوا ما في أيديهم، وتفرغوا لتداول «مسرحية» الساعة، عفوا أقصد قضية الساعة، وكل ساعاتنا مشغولة بقضايا الساعة! فأدلى كل منهم بدلو نكاته واستهزائه بالدكتورة، وتنافس المتنافسون في إحراز المركز الأول في «خفة الظل» وعدد التغريدات التي «شرشحوا» بها النائبة السابقة، والجمهور مبسوط يتابع ويضحك ويصفق لـ «الثوار الوطنيين»، ويعيد النشر مع تذييلها بتوصية للنشر مرة ثانية، حتى فاق عدد التغريدات عن سلوى الآلاف، بلا مبالغة!
يا بختك يا دكتورة، والله إني أغبطكِ على كنز الحسنات الذي حصلتِ عليه، بإذن الله، بسبب تلك التغريدات مقابل أوزار السيئات التي ستثقل موازينهم!
حقيقة، أنا لا أتفق مع د.سلوى في جُلّ طرحها إن لم يكن كله، بل إنني أصلاً لستُ مقتنعة بها البتة كشخصية سياسية، سواء في البرلمان أو في الحكومة، وهذا رأيي بها منذ اليوم الأول لدخولها البرلمان، وزادت قناعتي مع الأيام، ومع تصريحاتها المثيرة للجدل، بل والمضحكة أحيانا كثيرة، بسبب خيانة التعبير لها.
ولكن ما رأيته للأسف في «تويتر» من فجور في الاستهزاء بها تردّى إلى مدارك سُفلَى من البذاءة و«قلة الأدب» بحق سيدة فاضلة سليلة أسرة كريمة، حتى بلغت بهم الوقاحة أنهم أرسلوا ردودا لابنها عبر «تويتر» يهينونه بها بسبّ والدته بمفردات وعبارات بذيئة فاحشة بل «سافلة»، فذلك ليس من الرجولة أو المروءة بشيء، لا وربّ الكعبة ليس منها بشيء أبدًا! فمتى كانت هذه أخلاقنا وشيمنا؟!
نعم هي شخصية عامة، ودخولها ساحة السياسة يجعلها -طبيعيا- عرضة للنقد والسخرية والاستهزاء ككل الشخصيات العامة في العالم، والكويتيون بطبعهم يميلون إلى خلط السياسة بحس الدعابة والفكاهة لهضمها، والتخفيف من حدة عسرها، ولكن انتقاد الشخصية يكون لعملها وأدائها وتصريحاتها وسلوكها الوظيفي فقط، دون المساس بشخصها أوعائلتها، وكلنا نحترم حرية الرأي والنقد، لكننا لا نحترم الشتم والسبّ، فالحرية مسؤولية ولها حدود ينبغي ألا نتجاوزها مع الآخرين، حتى لا يفعلوا المثل معنا!
وكم أحزنني أنني لم أقرأ في تلك التغريدات نقدا موضوعيا للدكتورة سلوى، فكل ما شاهدته هو خواء فكري وسخافة في الطرح وتصفيق لتهريج!
والحديث ذاته موجَّه طبعا لمن يقوم بتجريح رئيس مجلس الأمة المبطل، السيد أحمد السعدون، والاستهزاء به بسبب عمره، مع أنني أعتبره شهادة لمصلحته، إذ لم يجدوا عليه مأخذا آخر، إن جاز لنا أن نسمي التقدم في العمر مأخذاً!
يا سادة، لغتنا غنية كريمة، ومفرداتها تتسع لكي نعبّر بها عن استيائنا وغضبنا، بل وسخريتنا، بأسلوب حضاري نظيف، ومن دون بذاءات ومن دون المساس بأعراض الناس وشخوصهم، بل هناك كلمات في قمة الرقي تؤدي المطلوب، ويمكن استخدامها لانتقاد مَن نريد، من دون أن ننحط مع المنحطين!
لا أظن أن هذا المقال سيعيد تربية أجيال، لكنه يندرج تحت بند إذا رأى أحدكم منكرا فليغيره.. بقلمه!
وكل رمضان وأنتم بخير!
mundahisha@gmail.com
Twitter @mundahisha
المصدر جريدة الكويتية
جزاك الله خيرا كلام رائع يحمل سمو في الخصام و الاختلاف
للاسف يجد المرء في هذا الجيل المسكين الذي انكب على السياسة بغير وعي و حكمة من الحماقة و الصفاقة ما يجعل المرء في حيرة !!
عاش الكويتيون سابقا ايام واشهر خصام و عدم وئام مع حكومتهم لكن لم يستخدم التجريح الشخصي و الاستهزاء العجيب فيما بينهم
إن ما نراه اليوم من الضحك و السخرية الوقحة لكل ما هوعكس رؤيتي السياسة تشير إلى واقع متردي نعيشة حتي بالسياسة
يا سادة إن الأخلاق عملة مهمة في اي مشروع والاحترام صفة مهمة قبل الانتقاد والكلام