قفزًا من منصات الرقابة والتشريع البرلماني المحفوفة بتعقيدات المشهد السياسي، إلى رحاب وسائل التواصل الاجتماعي، يغرد نواب خارج سرب السياسة عبر تويتر في مجالات شتى لم تقتصر على القضايا ذات الصلة بالعمل النيابي.
بين حكمة وقول مأثور وحديث وفتوى، اتخذ نواب من وسائل التواصل منصة متعددة الاتجاهات أفسحت المجال لهم لخلع ثوب السياسة أحيانا، وارتداء أثوابا أخرى تتباعد أو تتقارب مع الأحداث؛ لكنها لا تخلو في كثير من الأوقات من رسالة محمولة على قاعدة «تدل دربها».
تغريدة مثبتة
«خدمات الاتصالات والاجهزة الذكية، نقلت الناس الى رحاب واسعة، ومن يحسن استغلالها يجنِ ثمارها، ومن لا يقدر قيمتها لن تكون الا مجرد مضيعة للوقت»، ما سبق كانت نصيحة دونها النائب د.عودة الرويعي على حسابه في ديسمبر 2015، ورغم كونها نصيحة تبدو اجتماعية في ظاهرها إلا أن لها مغازي سياسية أيضا.
الرويعي الذي جعل من التغريدة السابقة «تغريدة مثبتة» في واجهة حسابه لفترة ليست بالقصيرة، هو رئيس لجنة الشؤون التعليمية التي أقرت قانون الإعلام الالكتروني؛ بما أثاره من مخاوف لدى المغردين آنذاك، وكانت تلك التغريدة حسبما يبدو إحدى أدوات النائب في دعم توجهات اللجنة لتنظيم الفضاء الإلكتروني بالقانون الذي أقره المجلس لاحقا.
وتزامنا مع اللغط الدائر بشأن وثيقة الإصلاح الاقتصادي، حضر الشعر على لسان النائب د.عودة الرويعي بتغريدتين منفصلتين، قال في الأولى «ولقد أمر على اللئيم يسبني.. فمضيت ثم قلت لا يعنيني»، وفي الثانية «سكت عن السفيه فظن أني.. عييت عن الكلام وما عييت.. ولكني اكتسيت بثوب حلم.. وجنبت السفاهة ما حييت».
ولم يخفِ الرويعي مقاصده من تغريدتيه إذ سبقهما بتغريدة أخرى قال فيها «بعيدا عن العواطف والمواقف السياسية، جميع من يهاجم المجلس الحالي بسبب المشاركة بنظام الصوت الواحد، بدأ التدليس والكذب».
ومن الشعر والمواعظ التي تلامس الشأن السياسي كان للحكمة أيضا موقعا عبر تغريدة دون فيها «ان الصاحب رقعة في ثوب صاحبه، فلينظر كل امرئ ما يرقع به ثوبه».
فتاوى وتكرار
على صفحة النائب السلفي د.عبدالرحمن الجيران حضور دائم للعلامة بن باز وابن عثيمين وعدد من المشايخ في تغريدات وعظية، منها ما عنونه بـ«شبهة القبوريين بأن الاستغاثة بغير الله ليست شركاً»، وأخرى عن «حكم النذر في الإسلام»، وثالثة فتوى ردا على سؤال للشيخ صالح آل الشيخ عما إذا كان يجوز للبلدان الإسلامية أن توقع على ميثاق الأمم المتحدة على حقوق الإنسان على بنوده، رغم أن فيها ما يصادم الشرع؟.
وفي ضوء تعدد التغريدات ذات الصبغة الدينية للنائب الجيران، يلحظ المتابع لحسابه عبر تويتر أمرين أساسيين، الأول، هو نشر تغريدته في اليوم الواحد أكثر من مرة، وربما هو النائب الوحيد الذي يعتمد هذه الآلية في التعاطي مع حسابه على تويتر.
الأمر الآخر هو تلوين مناقشاته حول القضايا المختلفة بما يتسق وخلفيته الإسلامية، وهو الأمر الذي تبدى في تعاطيه مع قضايا كثيرة منها إضراب النفط ومواقف المعارضة السياسية وصولا إلى وثيقة الإصلاح الاقتصادي.
الغيبة والنميمة
النائب محمد طنا كان من المهتمين كثيرا والمذكرين دائما بمساوئ النميمة والغيبة، حيث غرد كثيرا بأحاديث عديدة للرسول عليه الصلاة والسلام تتحدث عن سوء عاقبة النميمة والحديث في أعراض الناس، ففي احدى تغريداته قال: أكلو لحوم المسلمين..!! مر- صلى الله عليه وسلم- على قبر يعذب صاحبه فقال «إن هذا كان يأكل لحوم الناس».
وكذلك غرد في بيتين من الشعر في المضمون نفس، وهي «أعرض عن الجاهل السفيه.. فكل ما قال فهو فيه.. ما ضر بحر الفرات يوما.. إن خاص بعض الكلاب فيه» في نوفمبر 2015، وقال في تغريدة نشرها في سبتمبر 2015 «إذا نطق السفيه فلا تجبه.. فخير من إجابته السكوت.. فإن كلمته فرجت عنه.. وإن خليته كمدا يموت».
النقد الظالم
أما النائب د.عبدالله الطريجي فيعد من أكثر النواب تغريدا للحكم والأقوال المأثورة، فتحدث عن التواضع والصدق والإخلاص وفقه الاختلاف والتنمية البشرية. «لا تبال بالنقد الظالم فالعيب في الناقد وليس فيك»، من المفارقات أن تلك التغريدة كانت عشية جلسة مناقشة استجواب وزير التجارة والصناعة د.يوسف العلي التي كال فيها الطريجي الاتهامات للمستجوبين النائبين أحمد القضيبي ومبارك الحريص.
وشهدت مداخلة الطريجي خلال الجلسة «نقدا» بل «طعنا» وصفه النائبان القضيبي والحريص بـ«الظالم» ما استدعى منهما ردودا مفصلة على هذه الاتهامات.
ومن بين الحكم التي سطرها على حسابه في تويتر كذلك حكمة تقول «إذا أردت ألا تندم على شيء فافعل كل شيء لوجه الله» وأخرى نصها «أسوأ العقول هي التي تحول الاختلاف إلى خلاف»، وثالثة عن أن «التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة».
وعود إلى محيط السياسية المغلف بالمأثورات، استشهد الطريجي بالتاريخ في تغريدة قال فيها «كلمات خالدة.. من خالد بن الوليد إلى ملوك فارس أما بعد، فالحمدلله الذي حل نظامكم ووهن كيدكم وفرق كلمتكم ولو لم يفعل ذلك بكم كان شرا لكم».
القبس
قم بكتابة اول تعليق