قالت دراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي إن إجمالي الإنفاق الحكومي في الكويت سيبقى من دون تغيير على نطاق واسع لهذا العام، في حين سيكون هناك المزيد من النمو في النفقات الرأسمالية.
واعتبرت الدراسة أن تنفيذ المزيد من الإصلاح المالي ليس سهلاً وسيتطلب خيارات وتعديلات صعبة في العقد الاجتماعي بين الحكومة والمواطنين، فبنود مثل الاجور والمزايا الاجتماعية تميل إلى ان تكون جامدة وصعبة الانخفاض، حيث يحتاج صناع القرار إلى تنفيذ اجراءات بطريقة لا تؤثر بشكل سلبي في النمو مع الحفاظ على التماسك الاجتماعي، بما في ذلك حماية الانفاق الضروري على الصحة والتعليم وغير ذلك من الفئات ذات العوائد المرتفعة وحماية ذوي الدخل المحدود.
وعن خطط الاصلاح المالي بدول الخليج قالت الدراسة ان العديد من دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أعلنت عن إجراءات طموحة بحوالي %4 إلى %6 أو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، حيث ركزت معظم الدول على خفض الإنفاق، ولكن يظهر عدد من الدول انها تخطط لتخفيضات كبيرة في الاستثمارات العامة.
وتوقع «صندوق النقد» صعوبة انتعاش أسعار النفط في أي وقت قريب لدول الخليج، موضحاً ان الاسعار التي تبلغ 40 دولاراً في الوقت الحالي ربما تصل الى 50 دولاراً للبرميل، بحلول نهاية العقد الحالي.
واشار الى الاصلاحات التي بدأتها الدول الخليجية لمواجهة العجز المالي، ملمحا الى ان اجراءات الاصلاح ستتزايد هذه السنة، الا ان اثرها في عجز الميزانية لن يكون ملحوظا بسبب استمرار انخفاض اسعار النفط في 2016.
كما توقع التقرير ان تواجه دول مجلس التعاون الخليجي تباطؤاً في انتعاشها الاقتصادي بسبب انخفاض اسعار النفط، ويشير ذلك الى انكماش سياستها المالية وضعف الثقة في القطاع الخاص وضيق السيولة في النظام المصرفي، ومن المتوقع ان يكون معدل النمو لهذا العام %2.1، مقارنة بنمو %3.6 في عام 2014.
وأضافت انه من جانب ايرادات دول مجلس التعاون الخليجي، فإن لديها مجالاً لرفع ايرادتها في جميع المجالات، سواء من الضرائب غير المباشرة (ضريبة القيمة المضافة والملكية) أو الضرائب المباشرة (ضريبة الدخل الشخصي والشركات)، ومن جانب مصروفات دول مجلس التعاون الخليجي، فإنها تنفق اكثر في اجور القطاع العام والنفقات الرأسمالية مقارنة بالدول المتقدمة. وكمثال على ذلك، فإن %5 لضريبة القيمة المضافة قد تزيد الناتج المحلي الاجمالي %1.5 والمزيد من الانخفاض في دعم الطاقة من الممكن أن يوفر %1 إلى %2 من الناتج المحلي الاجمالي.
التعايش مع انخفاض النفط
تواجه الدول المصدرة للنفط عجزاً في الميزانية وزيادة في خطورة الوضع المالي بسبب انخفاض أسعار النفط، وبالتالي انخفاض الايرادات النفطية، كما تضررت هذه الدول اقتصادياً مع وجود صراعات في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن دول الخليج تطمح الى ضبط سياستها المالية ببذل الجهود لخفض عجز الميزانية على المدى المتوسط، وذلك من خلال دعم أسعار الصرف وسوق الأوراق المالية، كما يجب خلق المزيد من فرص العمل من خلال التنويع الاقتصادي.
بعض الدول المصدرة للنفط تملك احتياطيات قوية، وهذا قلل من اثر صدمة انخفاض سعر النفط، ما يجعلهم اكثر مرونة في خطة الاصلاح، حيث انعكس هذا الانخفاض على احتياطيات العملة الاجنبية، والواقع ان هناك انخفاضاً كبيراً في صناديق الاحتياطي، لأن بعض الدول المصدرة للنفط سحبت اصولها من صناديق الاحتياطي لتغطية عجز الميزانية، وفي نفس الوقت بعض الدول وضعت سقفاً للانفاق، وان اجراءات الاصلاح ستتزايد في معظم الدول لهذه السنة، واثر الاصلاحات في عجز الميزانية لن يكون ملحوظا بسبب استمرار انخفاض اسعار النفط في 2016.
إجراءات الإصلاح مهمة
رأت الدراسة أن خطط الإصلاح المالي في سنة 2016 كبيرة الحجم، والعديد من دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أعلنت عن إجراءات طموحة بحوالي %4 إلى %6 أو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، حيث ركّز معظم الدول على خفض الإنفاق، ولكن يظهر عدد من الدول انها تخطط لتخفيضات كبيرة في الاستثمارات العامة، ففي الكويت يبقى إجمالي الإنفاق الحكومي من دون تغيير على نطاق واسع لهذا العام، في حين سيكون هناك المزيد من النمو في النفقات الرأسمالية.
وأضافت ان معظم دول مجلس التعاون الخليجي لم تحقق حتى الآن زيادة واضحة في الإيرادات غير النفطية، ولكنها بدأت في إجراءات فرض ضريبة القيمة المضافة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الرسوم، ولا توجد خطط لفرض ضرائب على الدخل الشخصي في هذا الوقت، وقد اتبعت دول الشرق الأوسط إصلاحات جوهرية في أسعار الطاقة، وقد تمت زيادة سعر ورسوم الوقود والمياه والكهرباء بشكل كبير من مستويات منخفضة للغاية.
صناديق الاحتياطي
وفقاً لتقديرات معهد صناديق الثروة السيادية، فإن دول مجلس التعاون الخليجي والجزائر وفرت في صناديقها السيادية، ما قيمته أكبر من العجز المتوقع خلال السنوات الخمس المقبلة، ويتم تقسيم دول مجلس التعاون الخليجي بالتساوي بين الدول ذات صناديق سيادية كبيرة (منها: الكويت، قطر، والإمارات العربية المتحدة، أكثر من 20 سنة المتبقية) والدول التي تملك صناديق سيادية صغيرة (منها: البحرين، وسلطنة عمان، والمملكة العربية السعودية، أقل من 10 سنوات).
كما يتوقع موظفو صندوق النقد الدولي أن تكون نسب الدين العام حتى عام 2021 ضمن المعايير التاريخية لكثير (وليس كل) دول مجلس التعاون الخليجي والدول المصدرة للنفط، فإن معظم دول مجلس التعاون الخليجي لديها تصنيفات مماثلة للدول المتقدمة، وتعزز الموقف المالي أيضاً مع حيازة الحكومة لكثير من أصول الشركات، ما يشير الى أن الخصخصة بإمكانها تعزيز النمو في القطاع الخاص وتستخدم كمصدر مؤقت لتمويل العجز.
ضبط المالية العامة
اعتبرت الدراسة أن تنفيذ المزيد من الاصلاح المالي ليس سهلاً وسيتطلب خيارات وتعديلات صعبة في العقد الاجتماعي بين الحكومات والمواطنين، فبنود مثل الاجور والمزايا الاجتماعية تميل إلى ان تكون جامدة وصعبة الانخفاض، حيث يحتاج صناع القرار إلى تنفيذ اجراءات بطريقة لا تؤثر بشكل سلبي في النمو مع الحفاظ على التماسك الاجتماعي، بما في ذلك حماية الانفاق الضروري على الصحة والتعليم وغير ذلك من الفئات ذات العوائد المرتفعة وحماية ذوي الدخل المحدود.
عوائق النمو وخلق فرص العمل
قال صندوق النقد إن التنويع بعيدا عن النفط يتطلب المزيد من التطورات في بيئة الاعمال، وتقديم حوافز اقوى للعمل في انشطة القطاع الخاص عن طريق تقليل الفارق بين اجور العاملين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، والتعليم والمهارات يجب ان تكون اكثر توافقا مع احتياجات السوق، حيث تهدف التنمية المالية بشكل خاص لتوجيه الموارد نحو النشاط الإنتاجي، فيجب توفير فرص ذات معنى ستساعد في تهدئة الضغوط الاجتماعية، خصوصا ان عددا كبيرا من الشباب سوف يدخلون سوق العمل.
قم بكتابة اول تعليق