يعد مرض الزهايمر من ضمن امراض الخرف. وكشفت الدراسات ان سببه هو زيادة ترسب مادة تشبه البلاك في الدماغ وتلف الخلايا العصبية. وشرح د. حمد ناصر السناوي استشاري طب نفسي لكبار السن في مستشفى جامعة السلطان قابوس في مسقط، ورئيس الرابطة العمانية للألزهايمر ومؤسس عيادات امراض الذاكرة، أن ترسب مادة البلاك يعتبر امرا طبيعيا ولكن الجسم السليم يتمكن من تدميره وإزالته، بعكس جسم المصاب بالزهايمر. وقال موضحا «ومع زيادة ترسب البلاك في دماغ وتلف الخلايا العصبية يحدث ضمور في حجم الدماغ وتختل الوظائف الذهنية».
◗ عوامل ترفع فرصة الإصابة
• السمنة
• الاصابة بالأمراض التي تؤثر في صحة التروية الدموية، مثل: السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول الضار وامراض القلب.
• تقدم العمر: ترتفع نسبة الاصابة بعد عمر الستين. لكن قد يبدأ المرض في بعض الحالات في سن مبكرة (بعد سن الاربعين).
• انخفاض المستوى التعليمي. بينت الدراسات أن زيادة مستوى التعليم تساهم في تأخير الاصابة.
• قلة النشاط البدني. فالانتظام في ممارسة الرياضة يخفض فرصة الاصابة.
• قلة النشاط الذهني والاجتماعي. استمرار النشاط الذهني والتعلم والحياة الاجتماعية والقيام بالمهام اليومية يقي من المرض. وللأسف ترتب على التطور التكنولوجي واعتماد الانسان على الاجهزة الكهربائية للقيام بالعمليات الحسابية وتنظيم الوقت وحفظ الارقام تعوّد الدماغ على الخمول وزيادة فرصة الاصابة بالمرض.
• بعض الامراض النفسية، مثل الاكتئاب.
• العوامل الوراثية ووجود اصابة في العائلة.
• التدخين له دور في الاصابة وتدهور المرض لأنه يزيد من ترسب البلاك في الدماغ.
• عوامل اخرى مثل تكرار اصابات وحوادث الراس والاصابة بالجلطة الدماغية.
◗ أعراض مبدئية
من الوارد الا ينتبه المصاب للأعراض المبدئية للمرض، فيعتقد ان ضعف الذاكرة وقلة التركيز من الأمور الطبيعية التي ترافق التقدم بالعمر. لكن من المهم الانتباه الى أن ضعف الذاكرة قد يكون دليلا على الاصابة. كما انه ليس العرض الوحيد للألزهايمر، فهناك اعراض اخرى مثل:
– تغير الشخصية مثل أن يصبح مزاجيا وعصبيا وعنيفا وعنيدا.
– فقدان المهارة على القيام بأمور كان يتقنها سابقا، وصعوبة القيام بالمهام اليومية.
– حب العزلة والانطوائية وعدم الرغبة في مشاركة الاخرين.
– الشعور بالتشويش وخلل في القدرة على تقدير المكان والزمان. على سبيل المثال، ينسى مواقيت الصلاة ومتى عليه ان يصليها ومكان القبلة وعدد ركعات الصلاة.
– اضطرابات سلوكية ونفسية مثل اضطرابات النوم والاكتئاب وفرط القلق والهلوسة.
◗ التشخيص
تشخيص الاصابة بالالزهايمر مبكرا أمر غاية في الاهمية، لأنه يزيد فعالية ونجاح العلاج في السيطرة على المرض، ويسمح بعلاج بعض المشكلات السلوكية. وشدد د. محمد على أهمية الدقة في التشخيص، وقال «من المهم التأكد من ان الشخص مصاب بالزهايمر فعلا أو بمرض آخر من امراض الخرف. فقد يرجع ضعف الذاكرة وتدهور القدرات الذهنية لسبب آخر مثل الاصابة بمرض باركينسون (الشلل الرعاشي) او نتيجة لنقص تروية الدماغ (مثلما يحدث بعد الجلطة الدماغية او نزف الدماغ) او بسبب ادمان الكحول والمواد المخدرة او حتى لمرض نفسي. ويعتمد التشخيص على التاريخ المرضي وملاحظات الاهل والمحيطين بالمريض. فقد لا يشعر المصاب بأن به علة او عرضا غير طبيعي، لكن المحيطين به يلاحظون التغيرات في الذاكرة والشخصية. كما يستعان باختبارات الذاكرة والذكاء والقدرات الذهنية. ومن المهم أيضا تقييم الصحة العامة عبر تحاليل الدم والتصوير الاشعاعي للتأكد من خلو الدماغ من اي امراض اخرى».
◗ العلاج
– الارشادات الطبية لتعزيز قوة العقل: فمن المهم زيادة النشاط البدني والذهني للمصاب. ونصح د. محمد بدمج المصاب في حياة ابنائه الاجتماعية اليومية ومشاكلهم وافكارهم. وقال «يعتقد كثيرون ان عليهم عدم ازعاج كبير السن بمشاكله وافكاره، لكنه أمر مفيد لتنشيط ذهنه. كما ينصح بدمجه بالحياة الاجتماعية والزيارات العائلية والحرص على تواصله مع الاخرين وعدم تركه للعزلة».
– العلاج العقاقيري. لم يتوصل العلم الى اكتشاف علاج يوقف المرض، وكل ما يتوافر حاليا هي علاجات تساهم في تأخير تقدم المرض وعلاج المشكلات السلوكية والنفسية وتحسين النوم وتخفيف التوتر. وذلك ليتمكن الشخص من ممارسة حياته بشكل افضل لأطول مدة.
– تثقيف مقدمي الرعاية: من المهم ان يحصل مقدمو الرعاية على معلومات موثقة وصحيحة عن المرض وتحدياته وفعالية العلاجات العقاقيرية وغير العقاقيرية، وكيفية التعامل مع اعراض المرض المختلفة. وتوفير الخدمات الطبية التي يمكنهم الاستعانة بها لتحسين حالة المريض وتسهيل رعايته.
– مجموعات الدعم لمقدمي الرعاية: حيث يتجمع مقدمو الرعاية والمصابون ايضا للحصول على الدعم المعنوي والنفسي والاستفادة من تجارب الآخرين وتبادل المعلومات، وتعلم كيفية التعامل مع صعوبات وتحديات المرض مثل طريقة الحوار ومهارات التواصل الفعالة.
◗ عيادة أمراض الذاكرة
يطالب الاهالي محليا ويشددون على الحاجة لفتح عيادة تختص بأمراض الذاكرة وتستقبل من يعانون امراض الخرف مثل الزهايمر. فحاليا، يعتمد مرضى الزهايمر على مراجعة عيادة في مستشفى الطب النفسي لكبار السن، وهي غير متخصصه بالالزهايمر بل بالجانب النفسي للمرض. كما ان تعامل طبيب نفسي مع مريض الزهايمر واهله ليس كافيا للإلمام بكل المشكلات وتقديم المساعدة التي يحتاجها المريض واهله. والهدف من عيادة امراض الذاكرة ايضا هو تشخيص الاصابة بالالزهايمر مبكرا، لأن العلاج المبكر هو اهم عامل في تحديد نسبة العلاج.
واضاف د. محمد قائلا «تضم عيادة امراض الذاكرة كادرا طبيا يشمل عدة تخصصات مثل طبيب نفسي لكبار السن له خبرة في مرض الزهايمر، طبيب امراض الجهاز العصبي، ممرضة متخصصة، اختصاصي في علم النفس ويمكن الاستفادة من اختصاصي العلاج الطبيعي والعلاج بالعمل. كما تضم اختصاصية التغذية لتعليم مقدمي الرعاية انواع الاغذية المناسبة للمريض، وخاصة اذا وصل الى مرحلة نسيان البلع والحاجة للتغذية عبر السوائل. ومن المفيد ان تضم اختصاصيا اجتماعيا للتواصل مع الاهل وتقديم المساعدة التي يحتاجونها».
◗ الوقاية
اكدت الدراسات فائدة العوامل التالية لتأخير او الوقاية من الاصابة بالزهايمر:
– اتباع اسلوب حياة صحي يتضمن الانتظام في النوم لساعات كافية وممارسة الرياضة (30 دقيقة خمس مرات في الاسبوع). بالإضافة الى تناول تغذية صحية والابتعاد عن الاغذية السريعة والدهون الضارة مع الاكثار من تناول الاغذية الطازجة والمفيدة للجسم.
– استمرار النشاط الذهني من خلال القيام بالمهام اليومية وتعلم امور جديدة او لعب الالعاب ذهنية.
– استمرار نشاط الحياة الاجتماعية والتواصل مع الاهل والاصدقاء.
– السيطرة والتحكم الجيد بمعدل السكر وضغط الدم والكوليسترول.
– الابتعاد عن كل ما يمكن ان يؤثر سلبا في الصحة مثل التدخين والمخدرات والكحوليات.
صعوبات يواجهها مقدمو الرعاية
اثبتت الدراسات تضاعف فرصة اصابة مقدمي الرعاية لمرضى الزهايمر بالاكتئاب، نظرا الى ما يتعرضون له من ضغوطات نفسية واثار سلبية. وشرح د. محمد قائلا «يحتاج مقدمو الرعاية للدعم من الافراد المحيطين بهم لانهم يتعرضون لضغط نفسي كبير جدا. فالمريض يمر بتغيرات نفسية وسلوكية كثيرة ويصبح عدائيا وعنيفا ويصاب بالاكتئاب وفرط القلق والرهاب ومعتمدا على الاخرين بشكل كبير. وقد يصبح «شكوكيا» فيعتقد ان الجميع يضمرون له السوء ويريدون ايذاءه، وقد يطرد الاخرين من حوله ويؤذيهم لفظيا وبدنيا. وكثرة النسيان وتدهور القدرات الذهنية ستزيد من صعوبة رعايتهم للمريض، ومع الوقت ستتدهور ذاكرة المريض لينسى اهله ومن يقدمون له الرعاية فينفر منهم وقد يطردهم من المنزل.
فعلى مقدمي الرعاية التحلي بالصبر وعدم اخذ تصرفات المريض بشكل شخصي، لأنه لا يقصد ذلك بل هي نتاج لتداعيات المرض. كما عليهم معرفة كيفية التعامل مع مشكلات المرض المختلفة؛ مثل الانفعال الحاد وميله للخروج والتجول من دون هدى وسلس البول وغيرها».
وفق احصائيات الجمعية العالمية للألزهايمر لعام 2015 يبلغ عدد المصابين بالخرف حول العالم 48.6 مليونا، ويتوقع ان يصل عددهم الى 74 مليونا في عام 2030. وهو الامر الذي دعا مختلف الدول حول العالم الى إنشاء برامج مسح وطنية تعنى بالتشخيص المبكر بين كبار السن، وتوفير الرعاية للمرضى وضمان الحياة الكريمة لهم ولأهلهم.
القبس
قم بكتابة اول تعليق