الدكتور جمال الحربي – وزير الصحة- مشهود له بالنزاهة والجرأة في الحق، وقد اتخذ العديد من الخطوات الإصلاحية المهمة على مستوى وزارته، نسأل الله تعالى له الثبات والمزيد من ملاحقة الفساد!!
ولكن أزعجنا ما نشرته الصحافة بالأمس عن أمره بإزالة جميع مقارّ وأكشاك جمعية صندوق اعانة المرضى في المستشفيات والتي تدر دخلا طيبا على الصندوق بحجة عدم التنافس مع الجهات الأخرى المماثلة!!
ونذكّر الدكتور جمال بأن جمعية صندوق اعانة المرضى كانت من اولى الجمعيات التي تأسست بهدف مساعدة المرضى، وانفقت الملايين على معالجة المرضى، وان ما يدخل لهذه الجمعية من أكشاك ومقارّ ليس ربحا خاصاً لأفراد ولكنه يدخل ضمن حسابات الجمعية ويعود نفعه على المرضى، فلماذا لا يضع الوزير حافزا للجمعية لممارسة اعمالها واستكمال مسيرتها بدلا من التضييق عليها، لأن البعض قد اشتكى من عدم حصوله على مميزات الجمعية نفسها، علما بأننا – بحسب معرفتنا- لا نعرف جمعيات ومؤسسات تقوم بنفس دور الجمعية وتسد مسدها!!
إن مكافأة المبادرين وتشجيعهم يجب ان يكون جزءا من سياسة الدولة لا أن ننساق وراء الحاسدين والشامتين.
لماذا فشلنا في امتحان الفساد؟!
أوضحت الهيئة العامة لمكافحة الفساد أن تراجع الكويت الملحوظ على مؤشر مدركات الفساد لعام 2016 يعود الى اسباب تخرج بشكل كبير عن إرادتها وارادة مؤسسات الدولة، مشيرة الى صدور الحكم بعدم دستورية المرسوم رقم 24 لعام 2012 بتاريخ 2015، وما ترتب عليه من حل للهيئة ووقف عملها، ما أثر على ترتيب الدولة في هذا المؤشر!!
وأضافت الهيئة أن من بين الأمور التي ساهمت في هذا التراجع هو عدم استطاعة الهيئة مباشرة مهامها الفنية المرتبطة بتلقي اقرارات الذمة المالية وفحصها واستقبال البلاغات والتصرف فيها عقب اعادة انشائها بموجب القانون وبعد صدور اللائحة التنفيذية لهذا القانون والتي لم تصدر الا قبل شهرين تقريبا!!
ما ذكرته الهيئة عن تنامي مؤشرات الفساد في الكويت صحيح والتي لم يسبق لها مثيل، حيث احتلت الكويت المركز الـ 121 دوليا والثامن عربيا عام 2016 بفارق 36 مركزا عن عام 2015، وذلك بقياس اداء الحكومة والتعددية السياسية وضمان الحريات والحقوق الاساسية، مع انني اشكك في تلك الارقام على مستوى الدول العربية، حيث جاء ترتيب العراق وموريتانيا وفلسطين بدرجة اعلى من الكويت!
لعل ما ذكرته الهيئة عن التذبذب في اصدار قانون هيئة مكافحة الفساد ثم الحكم بعدم دستوريته وما ترتب عليه من حل للهيئة ثم تأخر اصدار لائحتها التنفيذية الى ما قبل شهرين من الآن، لعل ذلك التذبذب قد لعب دورا كبيرا في إفشال ذلك المشروع المهم الذي تحرص جميع الدول المتقدمة على وجوده في بلدانها واعطائه الصلاحيات الواسعة تحت مسميات متنوعة مثل هيئة النزاهة، بل وقد فاقم الخلاف بين أعضاء هيئة مكافحة الفساد وشكاواهم ضد رئيسهم وضد بعضهم البعض في إفقاد الهيئة لهيبتها لاسيما في ظل المغريات الكثيرة التي يحصل عليها اعضاء الهيئة، وقد وصف كثير من الناس هيئة الفساد بأن بدايتها كانت بتبني الفساد!!
وها نحن نشاهد اقتراب انتهاء المهلة المحددة لتقديم القيادات في الدولة لتقرير ذممهم المالية ومع ذلك لم يتقدم الا القليل منهم بتقاريرهم ما يؤكد بأن هذه الهيئة لن ينتظم عملها الا اذا جاءها من يكون مقتنعا بأهميتها ويمارس صلاحياته بحسب أنظمة الهيئة.
ويحق لنا ان نسأل الهيئة عن وضع البلد قبل انشاء الهيئة ولماذا انتشر الفساد بشكل لم يسبق له مثيل، وهل تمت ملاحقة سراق المال العام وايداعهم في السجون قبل ان نطالب بتأسيس هيئة لتعزيز الشفافية؟!
أعجبني النائب رياض العدساني الذي هدد بالأمس بكشف أسماء النواب المتورطين بالإيداعات المليونية لعام 2009، واعتقد بأنه لو نجح في ذلك فإنه سيكسر الشبكة السرية التي ظلت تتستر على الفساد لعقود طويلة، وستوفر للشعب الكويتي مستوى كبيراً من الشفافية ليعرف من يقف معه ممن يمثل عليه.
قم بكتابة اول تعليق