فيصل الشريفي: عكس الزمن

بما أننا نعيش عكس آلة الزمن وبما أن المجلس إصلاحي والحكومة إصلاحية إذن فالمتهم هو الشعب، وعليه أن يدخل الإصلاح ولمدد زمنية متفاوتة كل على خلفيته الثقافية والاجتماعية والدينية والطبقية لتأهيله حتى يستطيع أن يكمل أضلاع وزوايا المدينة الفاضلة.
هذه المعادلة الغريبة في زمن العجائب، والتي توصلت إليها أطراف النزاع: فريق الأغلبية 35 والأقلية والأحزاب والحكومة وتكتلات لم يعد بمقدورنا إحصاؤها من كثرتها، تسحب الشعب كل إلى صوبه بعد أن مزقته وفرقته، فتقوقع على نفسه خوفا من أن يأكله الذئب. فزاعة الذئب توزعت بين خارجية وداخلية، فتشكلت على حسب نوع الشريحة المستهدفة (تجار، بدو، وحضر، شيعة صفوية، وشيعة عرب، سنّة إخوان, وسنّة وهابية, وسنّة سلف) يا ساتر!!
خلط الأوراق ورميها ثم جمعها ورميها مرة أخرى لا يمكن أن يكون بمحض المصادفة، ودون وجود مجموعة محركين تضاربت أو ضُربت مصالحها فقررت الاستمرار باللعب غير مكترثة بكم الخسائر التي تحدثها كل يوم، وعضدها في ذلك إعلام فاسد وأبواق يرتفع صوتها لمن يدفع أكثر.
إنقاذ الكويت من تداعيات هذا الاحتقان يجب أن يواجه بإرادة وعمل شعبي يضع النقاط على الحروف، ويوقف العبث بثوابتنا الوطنية من خلال إجراء مؤتمر وطني يجمع كل أطياف المجتمع، وتوضع فيه الخطوط العريضة لتأكيد هوية الكويت كدولة مدنية تُحترم فيها الحقوق مقابل الالتزام بالواجبات؛ لضمان تطبيق القانون على الكل، وأن تترجم بها الرؤى الإصلاحية على شكل وثيقة وطنية دون مزايدات انتخابية.
التحديات القادمة كثيرة ومتشعبة، منها ما هو متعلق بالحكومة وجديتها بالإصلاح ومكافحة الفساد بوجهيه الإداري والمالي، ووضع الآليات اللازمة لإنقاذ خطة التنمية, أما الشق الآخر والأهم في المعادلة فهو المواطن الذي يحتاج إلى برنامج تثقيفي لإحسان الاختيار، فهو كان ومازال شريكاً بطريق مباشر في إيصال نواب خطابهم الوحيد الفتنة، وسياسة “خالف تعرف”، وكأن البلد خلي من الرجال الشرفاء.
الانتخابات القادمة يجب أن تجري وفق دوائر لا يمكن الطعن بها دستوريا؛ لضمان استمرارها من الناحية القانونية، وأن تحقق العدالة حسب التوزيع السكاني.

الشعب يريد إسقاط النظام:
حكاية ثورات الربيع العربي انحرفت عن مسارها، فتحولت إلى حمام دم بين أبناء الشعب الواحد، فاستبيحت فيها حرمات المسلمين ولم تراعِ قوله تعالى: “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً”. سورة النساء الآية (93).
عندما تقرأ هذه الآية فلابد أن تقف عندها، ففيها تهديد غير مسبوق، فبعد الوعيد بالخلود في النار وغضب الله ولعنته يأتي معجز القرآن ليصف نوع العذاب بالعظيم لكل من يستبيح دماء المؤمنين.
ومع كل هذا التحذير والوعيد هناك من يبرر القتل، ويفتي به على أنه من متطلبات الثورة لتصفية أنصار الأنظمة “لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
إن كانت الثورات للتخلص من ظلم الحكام فبأي ذنب تقتل الشعوب وتهجّر؟ وكيف يقف أمام الله من قتل نفساً بغير حق؟
ودمتم سالمين.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.