ما نمر به اليوم ليس ازمة مالية فحسب بل كارثة اقتصادية وتداعياتها ستكون سابقًة خطرة لم يشهدها تاريخ الكويت الاقتصادي من قبل، لأنّها متجهة إلى إفلاس القطاع الخاص، وهذا ما يناقض السياسات العامة التي تلحظ أنّ القطاع الخاص شريك فاعل وركيزة أساسية للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية. ومن يعتقد أنّ القطاع المصرفي بمنأى عمّا يحدث من انكماش وإفلاس لقطاعات اقتصادية أخرى فهو مخطئ تماماً وذلك للارتباط الوثيق والتشابك بين جميع القطاعات.
أما الأسباب الحقيقية التي تعيق إنعاش الاقتصاد المحلّي غير النفطي فتكمن في الإرهاب السياسي على حساب الاقتصاد، وسيكبد الاستمرار في هذا النهج المال العام المزيد من الخسائر والنكبات في ظلّ سياسة اللامبالاة للاقتصاد، وغياب الجرأة في اتخاذ القرار لمواجهة التحدّيات.
بالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية الخطرة، فإنّ تضييق الخناق على القطاع الخاص وحرمانه من المشاركة في الانشطة الاقتصادية المنتجة وعدم الإتاحة له في خلق فرص استثمارية، سيساهم في خلق مشكلات اجتماعية تتمثّل في زيادة نسبة البطالة وتمديد فترة انتظار الشباب الداخلين الى سوق العمل لعدم قدرة هذا القطاع على استيعاب أعدادهم، ناهيك عن هدر طاقاتهم وابتكاراتهم وهم يجسّدون المحرّك الأول للتنمية. وهذا ما سيؤثر سلبًا ويزيد من الضغط على الإنفاق الجاري والأعباء المتراكمة على الميزانية العامة للدولة، وهذا الأمر يناقض تمامًا مسار السياسة العامة لخطة التنمية.
أطالب الجميع بضرورة التعاون والاستعلاء عن الشخصانية لإيجاد مخرج لهذا النفق الاقتصادي المظلم الذي تمرّ به الكويت، خصوصا أنّنا نتطلّع إلى النهوض والتنمية على أسس متينة لتحصين الاقتصاد المحلّي ودفع عجلته باتجاه اصلاحات اقتصادية تعد بمستقبل مشرق واقتصاد مستدام يحقق تطلعاتنا ويضمن الاستقرار والعيش الكريم. فلا يجوز لنا اليوم أن نتأخّر في إنقاذ الكويت واقتصادها والعمل باتجاه دعم وتفعيل دور القطاع الخاص عن طريق مشاركته الفعلية في الأنشطة الاقتصادية وفتح الآفاق أمام المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم لاستقطاب شبابنا والاستفادة من طاقاتهم وابتكاراتهم لتنمية المجتمع.
قم بكتابة اول تعليق