ردا على ما أكده الشيخ فؤاد الرفاعي على عدم جواز إقامة الكنائس شرعا بعدما تفتح البلاد وتعلوها كلمة التوحيد، وذلك الى يوم القيامة مهما تغيرت الظروف وتغيرت نسبة السكان ودعت الحاجة الى ذلك، وشدد على أن ذلك هو الاصل في الاسلام لانه الذي ينتشر لا غيره من الأديان، ولا يجوز أن يسمح بإنشاء الكنيسة تحت ما يسمى بمبدأ حرية التدين أو حرية الاعتقاد التي ينادي بها الديموقراطيون وأصحاب القوانين الوضعية الشركية وما يسمى بحقوق الإنسان. استطلعت «الأنباء» آراء علماء الشرع فماذا قالوا؟
لا يجوز
تعليقا على بناء الكنائس قال رئيس لجنة الفتوى في جمعية إحياء التراث الاسلامي د.ناظم المسباح إن هناك لجنة فتوى في وزارة الاوقاف وهي الموكول لها بالفتوى وعند إصدار الفتوى توازن اللجنة بين المفاسد والمصالح ومراعاة حال البلد والضغوط الخارجية والداخلية، فهي المسؤولة عن إصدار الفتاوى، أما عن الرأي الشرعي فلا يجوز أن تنبى كنائس في جزيرة العرب، وقد اعتبر العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ الكويت ضمن حدود جزيرة العرب، ولذلك لا يجوز بناء الكنائس فيها وفتوى وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية واضحة في هذا الشأن هي عدم جواز إنشاء كنائس جديدة ويبقى القديم منها، وكذلك فتوى اللجنة الدائمة للافتاء بالمملكة العربية السعودية ترى عدم جواز إنشاء الجديد من الكنائس والابقاء على القديم.
السياسة الشرعية
يقول العميد السابق بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية د.محمد الطبطبائي: لقد اختلف العلماء حول المقصود بجزيرة العرب، فذهب الحنفية والمالكية الى أن المقصود بها كل بلاد العرب، بينما يرى الشافعية والحنابلة أن المراد بجزيرة العرب ليس أرض العرب كلها، بل أرض الحجاز خاصة، وقال الإمام أحمد إن جزيرة العرب هي المدينة النبوية وما والاها، فيما يرى آخرون أن المقصود بجزيرة العرب الحجاز دون بقية بلاد العرب، وهو من باب إطلاق الجزء على الكل، فيما ذهب ابن تيمية الى أن جزيرة العرب هي الحجاز واليمن واليمامة وكل البلاد التي لم يبلغها ملك الروم وفارس كما يرى أبوعبيدة أن جزيرة العرب من العراق الى أقصى اليمن.
وبين د.الطبطبائي أن الحنفية والمالكية منعوا احداث الكنائس أو الصوامع أو الأصنام أو بيوت النار في أرض العرب سواء في الحجاز أو غيره، وذلك تفضيلا لأرض العرب على غيرها وتطهيرا بها عن الدين الباطل ولا فرق عندهم بين المدن والقرى.
أما الشافعية والحنابلة، فيرون منع بناء دور العبادة لغير المسلمين في الحجاز مطلقا، أما سائر أرض العرب فهي تنقسم الى خمسة أقسام، ما أسلم أهله عليه قبل الفتح، فلا يجوز إحداث ولا إبقاء شيء من المعايير لأهل الذمة فيه، والقسم الثاني ما فتحه المسلمون عنوة لا يجوز فيه احداث دور العبادة لغير المسلمين، واختلفوا في وجوب هدم الموجود منها، والقسم الثالث ما أحدثه المسلمون من الأنصار، فلا يجوز احداث شيء من ذلك فيه، والقسم الرابع ما فتح صلحا ان الارض لنا فلا يحدثون به معبدا إلا أن يكون ذلك شرطا لهم في عقد الصلح، والقسم الخامس ما فتح صلحا على أن الأرض لهم وللمسلمين الخراج فلهم احداث ما شاءوا لأن الأرض ملكهم، مشددا على أن الكويت الاصل يكون عدم الاحداث لدور العبادة لغير المسلمين سواء المجوس أو اليهود أو غيرهم ما لم تكن هناك تحت ضرورة أو مصلحة راجحة من احداثها، فيكون ذلك من باب السياسة الشرعية.
الموجود كاف
ويحرم د.بسام الشطي بناء كنائس داخل الجزيرة العربية لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يبقى دينان في جزيرة العرب» وقال صلى الله عليه وسلم «أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب» وقال صلى الله عليه وسلم: «أخرجوا اليهود والمجوس من جزيرة العرب».
وبالتالي الاصل عدم جواز بناء كنائس في الدول الاسلامية خاصة بعد أن جاء الاسلام ونقى الجزيرة العربية فلم يبق فيها دور للعبادة إلا الاسلام فقط.
وأضاف: ولم أعثر على دليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدا من الخلفاء أو الصحابة أجاز بناء الكنائس في الجزيرة العربية، ولم أعثر على دليل من القرآن أو السنة الشرعية أو أقوال الصحابة أو أقوال التابعين يجيز بناء الكنائس، بل الجميع يتفق على عدم جواز بنائها.
ويرد د.الشطي على الشبهة ومبررات بعض الناس من يقول منهم إنه مثلما بنيت مساجد في دولهم فلنفتح المجال لبناء الكنائس، أرد وأقول هذا كلام غير صحيح فأثناء زيارتي لأكثر من 27 دولة أوروبية لم أجد هناك مجالا متاحا لبناء مساجد إلا للمواطن الذي يحمل جنسية بلده وبالتالي يقدم لكل 500 شخص طلب ويبحثون مع البلدية للموافقة لهم حتى يتم بناء مسجد بعد إجراءات طويلة.
ثانيا أقول إن عدد النصارى الكويتيين الموجودين في الكويت لا يتجاوز 200 شخص والكويت بها 7 كنائس رسمية، وهناك 18 كنيسة غير رسمية، وبالتالي يجب ألا تهتم الدولة بقضية الوافدين والمقيمين، فهذه الكنائس تكفي لهم كما أن أرض الفاتيكان فيها مسلمون لا يسمح لهم ببناء أي مسجد، وهناك رخص أيضا في 17 دولة أوروبية يطالبون ببناء مساجد ولن تسمح لهم هذه الدول بحجة أن الاهالي والمواطنين لا يرغبون في بناء مساجد لهم.
وزاد: ومنذ أكثر من 10 سنوات ومواطنو هذه الدول بحجج الديموقراطية يشترطون ان يوافق الجميع على بناء المساجد، فلماذا لا يكون لدينا قرار بالكويت وموافقة جماعية من أهل الاختصاص والعلماء، وأن يكون ذلك رأيا شرعيا مع الأمور الأخرى، فدين الله هو الإسلام، ولابد من تطعيم القوانين بروح الشريعة.
الرفاعي: يجب الاستغفار لمن أصدر فتوى السماح ببناء الكنائس
علق سيد فؤاد الرفاعي على تصريحات وكيل وزارة الاوقاف مطلق القراوي بشأن نفي قيام وزارة الاوقاف باصدار فتوى بالسماح ببناء كنيسة في جليب الشيوخ: ان الخبر الذي نشرته جريدة «الراي» بتاريخ 20/7/2012 وفي الصفحة الاولى وبالخط العريض الذي يقول وبالحرف الواحد: وتأتي الموافقة (اي الموافقة على بناء الكنيسة) بناء على فتوى صادرة من وزارة الاوقاف، وموافقة رسمية، بفتح دور العبادة لغير المسلمين. اقول: اذن فهناك فتوى صادرة من وزارة الاوقاف، فعلام التنصل منها ومحاولة اللف والدوران؟ خاصة ان القراوي لم ينف تلك الفتوى الصادرة؟!
واضاف الرفاعي: انني افترض ان وزارة الاوقاف كما يقول القراوي وظيفتها هو دور الوسيط، فهل يجوز للمرء ان يكون وسيطا في امر محرم؟ فمثلا هل يجوز ان يحمل احد الخمر من طرف الى طرف ويقول: انا لا علاقة لي بهذا الامر انما انا وسيط؟ ان اصغر طفل يدرك بحسه الفطري ان هذه الوساطة من المحرمات، وكل الاطراف بمن فيهم الوسطاء في سلة واحدة، بل ان اقرار بناء الكنائس اعظم ضررا من الخمر والخنزير والربا باعتبار ان آثار بناء الكنائس تعود على عقيدة المسلم وتوحيده.
واختتم سيد الرفاعي قائلا: ليستغفر الله عز وجل ويتوب اليه من كان وراء هذه الفتوى، وهذه الوساطة، وليتبرأوا منها، فهذا هو ـ ما يجب عليهم شرعا ـ ونحن والمسلمون بانتظار الرد. ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
قم بكتابة اول تعليق