أكد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم ان العلاقات الكويتية العراقية في الوقت الراهن هي في افضل احوالها، وتشهد تطورا مطردا وملحوظا في كل الجوانب وخصوصا في الجانب السياسي والامني، وقد حان الآون للتركيز على الجانب الاقتصادي والاستثماري بين البلدين الذي غيب لفترة طويلة نتيجة طغيان الجانب السياسي والامني على تلك العلاقات الاخوية، وخصوصا في ظل وجود تطلع واهتمام تلمسه في زيارته الحالية من قبل كبار المسؤولين الكويتيين وعلى رأسهم صاحب السمو أمير البلاد المفدى.
وقال الحكيم في المؤتمر الصحافي الذي عقده عصر امس الاول في جمعية الصحافيين الكويتية ان زيارته الحالية للشقيقة الكويت جاءت في وقت مبكر مقارنة مع كل عام، وخصوصا انها تقترن بمناسبة اليمة ومحزنة في نفوس وعقول الشعب الكويتي والعراقي ايضا الا وهي ذكرى الغزو الصدامي على دولة الكويت الشقيقة، وهي مناسبة نستذكرها بكل ألم وحسرة.
واضاف: وفي كل عام نحاول ان نوظف تلك الذكرى المريرة لما هو خير وفائدة للشعبين اللذين عانا من مرارة ذلك العدوان الغاشم، وللاسف هناك محاولات من قبل البعض في الجانبين ممن لايريدون الخير لشعبي البلدين، ولكن يجب ان نعي ان القيادة في البلدين هي اقوى من كل تلك الكلمات والمواقف التي يطلقونها، وفي النهاية لايمكن كبت تلك الاصوات في ظل الديموقراطية التي يتمتع بها الشعبان الكويتي والعراقي.
واشار الى ان احترام الجيرة والجوار من الاساسيات التي ينطلق منها ديننا الإسلامي وعروبتنا والتي تستوجب ان تستثمر بشكل ايجابي في ظل التحولات والمتغيرات التي تعيشها المنطقة، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة واهمية ان تتجذر وتترسخ العلاقات الاخوية، لان الاستقرار في العراق ينعكس بالايجاب على استقرار الكويت والمنطقة والعكس صحيح، لان ما يربطنا ببعض هو المصير الواحد.
ورأى الحكيم ان عدد الزيارات التي قام بها كبار المسؤولين العراقيين للكويت في غضون السنوات القصيرة الماضية غير مسبوقة، وان زيارة كل من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك وسمو رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد لبغداد تمثل حجم واهمية الخطوات التي تتخذ في سبيل الدفع نحو تصور وتفاعل افضل لمستقبل العلاقات بين البلدين والتي نتمنى ان تستمر، معربا في الوقت نفسه عن شكره وتقديره لمشاركة صاحب السمو أمير البلاد في القمة العربية الاخيرة التي عقدت في بغداد والتي كان لها الوقع الكبير على نفوس كل الشعب العراقي.
وقال: قبل اشهر كانت هناك بعض الانطباعات المتبادلة بين المسؤولين في الملفات بين البلدين حول عدم الوضوح في بعض الرؤى، الا ان تلك الانطباعات تبدلت خلال الاسابيع القليلة الماضية واصبح هناك ارتياح وخصوصا اننا بصدد مرحلة جديدة من العلاقات بعد ان تم حل اغلب القضايا العالقة بين البلدين، حيث تم الانتهاء من المشكلة الحدودية ودفع التعويضات وتسوية ديون الخطوط الجوية الكويتية، وحل مشكلة المفقودين واعادة الارشيف الكويتي.
واعتبر ان مشكلة ميناء مبارك الكبير قد انتهت بفضل الحوارات المشتركة التي توصلت الى الغاء الكويت للمرحلة الرابعة من المشروع والذي قابله ايضا تصريحات مطمئنة من القيادة الكويتية، لافتا ان هناك بعض التصريحات الاستفزازية التي يطلقها بعض اعضاء البرلمان العراقي والكويتي لاتمثل رأي ووجهة نظر شعبي وحكومتي البلدين، وان وسائل الإعلام هي من تقوم بتكبير وتضخيم تلك التصريحات غير المسؤولة.
الوضع الداخلي
وحول الاوضاع السياسية الداخلية التي يشهدها العراق حاليا، قال الحكيم: واقعنا العراقي لايزال يشهد بعض الآراء والافكار من قبل القوى السياسية التي يسعى البعض منها لاستثمار الفرص الدستورية وسحب الثقة عن الحكومة، ولكن العراقيين وكل القوى السياسية اتفقت على اهمية اجراء الإصلاحات اللازمة وذلك من خلال عقد مؤتمر وطني يضع خارطة الطريق والاسقف الزمنية للإصلاح على قاعدة لا غالب ولا مغلوب وذلك وفق مبادئ الدستور العراقي، لانه لايمكن ان نفكك كتلة تمثل احدى فئات المجتمع، وفي النهاية يجب ان نعي ان الازمة السياسية التي نشهدها بدأت بالتفكك.
واضاف: القوانين والدستور هي الضامنة لنا، والديموقراطية نظام وسلوك وعلاقات تحتاج الشعوب التي عاشت مدة طويلة تحت الدكتاتوريات الوقت للتأقلم عليها، ويجب الا ننسى ان المانيا النازية احتاجت الى 15 سنة من اجل تطبيق النظام الديموقراطي بشكله الصحيح وهي بلد العرق الواحد، فما بالكم بالعراق بلد الاعراق والمذاهب المتعددة، ومع هذا نحن غير راضين على الوضع ولكن نجد ان هناك مؤشرات صحية واعية ونشطة ولا نحتاج الا للوقت.
أما بخصوص الجانب الامني فأكد الحكيم ان كل المؤشرات الامنية تشير بأن هناك تطوراً للأفضل في هذا الجانب مقارنة مع الاعوام السابقة، لكن التحدي الحقيقي بالنسبة لنا هو العبوات الناسفة التي يتم تصنيعها محليا.
أما بشأن عملية اعادة الاعمار والتنمية ووصف العراق بالدولة الفاشلة في بعض الاوساط الغربية، قال الحكيم: كل مدن العراق تشهد عملية بناء وتنمية شاملة في الوقت الحالي، الا ان الازمات السياسية المتكررة تساهم في عرقلة تلك الجهود كما هو الحال بالنسبة للازمات السياسية التي تشهدها الكويت والتي تؤدي الى تأخر وعرقلة تلك المشاريع التنموية على الرغم من ان الاوضاع في الكويت لايمكن مقارنتها بالاوضاع التي يعيشها العراق، رافضا في الوقت نفسه بشدة وصف العراق بالدولة الفاشلة.
القضية السورية
وعن موقف العراق من القضية السورية واللاجئين اوضح الحكيم ان قضية اللاجئين السورين كان عليها تحفظ من قبل بعض المسؤولين في بغداد، وذلك بسبب قلقهم من امكانية ان يختلط بينهم عناصر ارهابية، مؤكدا ان القرار الاخير بفتح الحدود وبناء مخيم للاجئين جاءت نتيجة الدعوة التي نادت بها بعض القوى السياسية العراقية من منطلق انساني، ولاسيما ان الشعب العراقي عليه حق كبير تجاه اشقائه السوريين الذين فتحوا بيوتهم واحتضنوا ابناء الشعب العراقي المهجر طوال العقود الثلاثة الماضية.
أما بخصوص اتهام العراق بأنه الباب لعبور لسلاح الى سورية، نفى الحكيم تلك المعلومات واكتفى بالقول: «لايمكن ان يكون العراق طرفا في ذلك النزاع، ونتمنى الاستقرار للاشقاء السوريين والقرار يبقى بيدهم في النهاية «وحول مطالبات البعض بانفصال اقليم كردستان عن العراق، اوضح الحكيم ضرورة ان يكون هناك التزام متبادل في الآراء والافكار بين السلطة في بغداد وسلطة الاقليم بهدف اعطاء الصورة الواضحة للطرفين اللذين يعيشان في بعض الاحيان بضبابية وعدم وضوح بالرؤى وخصوصا فيما يتعلق بالملاحظات التي قد تتجاوز الدستور، وشدد ان وحدة العراق واستقراره هي احدى الخطوط الحمراء التي يجب ان يلتزم بها الجميع، وخصوصا ان قوة اقليم كردستان تكمن في ظل العراق الكبير والعكس الصحيح.
قم بكتابة اول تعليق