فيصل الشريفي: الله يحفظ الكويت

تطبيق القانون وفي الوقت الصحيح على الجميع هو المخرج الوحيد لحالة الفوضى التي نعيشها حتى لا يكون هناك عذر لأحد، فهيبة الدولة تتطلب الحزم والعدالة، وعدم التهاون والمواجهة متى ما اقتضى الأمر، فالوضع على حافة الهاوية والحقيقة مُرّة إن لم يتم تداركها.

يبدو أننا موعودون بالجديد والحصري دائماً، فلا ننفك أن نخرج من أزمة حتى ندخل في أخرى، ويبدو أننا لم نصل إلى مرحلة النضج الديمقراطي، كما أننا لا نعرف ولا نريد أن نحترم القانون أو نطبقه.
هذه خلاصة الحال في الكويت، فالكل يرى ما قد تؤول إليه الأحداث ومع ذلك يشحذ السكين مستعداً لذبح ذبيحته تقرباً للمعازيب، فالكلام عن الوحدة الوطنية وتقديم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد لم يطبق حرف منه، وكل ما في الأمر مصالح وتضارب مصالح.
خيوط الفتنة بدأت منذ أحداث تأبين مغنية، حيث فرز أبناء الطائفة الشيعية، ثم بعد ذلك كان تغليب الحضر على البدو والعكس صحيح فلم يسلم أحد من الفتنة.
حرية الرأي نعمة بيد العاقل ونقمة بيد الجاهل ليس على نفسه، ولكن على المجتمع بأسره، وقد يجر بجريرته الكثير مخيراً ومسيراً على طريقة المثل “مجبر أخاك لا بطل”، فالأول لا “حسافة” عليه ولكن الثاني بالمجمل لا لوم عليه، فهو يدخل معركة لا ناقة له بها ولا جمل ولم يكن طرفاً ولا راغبا فيها، لكن ثقافة الغوغاء لا تميز بين الخبيث والطيب.
تطبيق القانون وفي الوقت الصحيح على الجميع هو المخرج الوحيد لحالة الفوضى التي نعيشها حتى لا يكون هناك عذر لأحد، فهيبة الدولة تتطلب الحزم والعدالة، وعدم التهاون والمواجهة متى ما اقتضى الأمر، فالوضع على حافة الهاوية والحقيقة مُرّة إن لم يتم تداركها.
بعض البشر لا يفهم ولا يأخذ من التاريخ العبر، فتراه لا يعرف طريقاً لشهرة إلا من خلال التعري، وياليته يفعلها على قرار التعري الجسدي، ولكنه يتعرى فكرياً دون أدنى مسؤولية تجاه المجتمع بكلام مرسل لا يقدر معناه؛ لحاجة في نفسه أو في نفس من اشتراه بثمن بخس.
قبل أكثر من عام تابعت برنامجاً حوارياً على محطة “سكاي نيوز” استضافت فيه مجموعة من المحللين السياسيين للحديث عن تداعيات الثورات العربية على المنطقة، تختزن ذاكرتي جزءاً منه بحيث عرج الضيوف عن الدول التي لن يطولها الربيع، فكانت الكويت من الدول القلائل التي ستتعامل مع هذا الربيع بواقعية، وذلك لوجود ديمقراطية نسبية مرنة تتعامل مع الواقع، وكذلك لوجود ألفة بين الحاكم والمحكوم، مضافاً إليهما عيش كريم، لكن يبدو أن هذا الوضع لم يرق للبعض، فعمل على إدخال الكويت في دائرة الأحداث عن طريق الفتنة، نسأل الله أن يقينا إياها ويصيبهم فيها.
لمواكبة أحداث هذا الأسبوع اخترت مجموعة من حكم الإمام علي تتناسب والوضع الحالي، وهي بمنزلة وصايا للعاقل قبل الجاهل: “بالعقل صلاح كل أمر”، و”الحكمة شجرة تنبت في القلب وتثمر في اللسان”، و”من شب نار الفتنة كان وقوداً لها”، و”الحلم تمام العقل وثمرة العقل مداراة الناس”… فهل بعد تلك الحكم نرى من يبرر عمل السفيه ومن لف بلفه؟ ودمتم سالمين.
فيصل الشريفي
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.