قالوا لنا ما فات قد مات, والصفح من شيم الأباة,
قلنا سنصفح إنما, أعيدوا لقتلانا الحياة.
يبدو أن شهر رمضان المبارك هذا العام “غير”, فلقد شاركنا فيه أبطال حفروا أسماءهم بأحرف من نور وعلى لوح من ذهب في تاريخ كويتنا الحبيبة, إذ ساهم مسلسل “ساهر الليل” مشكورا بتوجيه الانتباه إلى ما مرت به الكويت من خلال فاجعتها بالغزو العراقي الغاشم, وبدأ الناس يعرفون– خصوصا ممن كان صغير السن في ذلك الوقت أو ممن ولد بعد الغزو– الكثير من المعلومات والأسماء التي كانت بالنسبة إليهم مجهولة. تفخر البلدان بتاريخها وملاحمها, ونملك نحن في الكويت ملحمة لا يقل مشاركوها شجاعة وبطولة وتضحية, بل تحوي الكثير من الأحداث والبطولات رمزية عالية من حيث وجود جميع أطياف المجتمع على اختلاف مذاهبهم وأصولهم وجنسهم جنبا إلى جنب, ليعلنوا بأعلى أصواتهم “الموت لنا… والحياة للكويت”, لكن ما الذي نملكه ويذكرنا بالغزو العراقي؟ هل هو ذلك المتحف الصغير في شويخ الذي لا يرقى لأن يكون تخليدا مناسبا لهذه الفاجعة المفصلية بتاريخ البلد؟ أم بيت القرين الذي تم مسح دماء الشهداء الطاهرة عن حائطه بالصبغ، وتم حسبما قرأت في “التويتر” أيضا مسح توقيع شوارزكوف واستبداله بلوحة كتب عليها “هناك وقع شوارزكوف”؟! لماذا التفنن من قبل حكومتنا الرشيدة بطمس كل معلم يشير إلى الغزو العراقي؟ هل هناك ما يخشى أن يظهر في حال توثيقه؟ وهل يعقل وبعد 22 عاما ما زالت معلومات الكويتيين متضاربة ما بين مواقع الإنترنت والبرامج الوثائقية التي عملتها القنوات الأجنبية في الغالب؟ إن السؤال المطروح الآن من لا يريد أن يعيد الحياة لقتلانا بتوثيق سيرتهم العطرة وبطولاتهم الخالدة؟ وحتى الكتب الدراسية تذكر أقل القليل عن 7 أشهر الاحتلال, بينما يجب أن تخصص لها كتب كاملة ليعلم الكويتيون ماذا فعل آباؤهم وإخوانهم، وكيف يجب أن نكون نحن عليه في المستقبل. أعيدوا لقتلانا الحياة بزرع بطولاتهم في قلوب الأجيال ليصبحوا نبراسا يضيء لهم الدروب, ويعلمهم ألا صوت يعلو فوق صوت الكويت, ولا حياة تستحق العيش من أجلها إلا في خدمة الكويت. اللهم احفظ كويتنا الحبيبة وشعبها الأبي, واجعل المجد والعزة والحرية والاستقلال ملازمة لها, والخلود لشهدائنا الأبرار.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق