عبداللطيف الدعيج: لماذا يعترض الرابح

أخيراً حسمت الحكومة الأمر، وأحالت أمر الدوائر الخمس للمحكمة الدستورية بعد تردد وتأخير واضحين. البعض كالعادة يرى في التردد مناورة ترتبط بالتوقيت، والبعض الآخر يرى فيه استمرارا «للتردد»، الداء الحكومي الذي تلمسناه منذ الحكومات التي فصلت فيها ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء. المهم ان الأمر الآن في عهدة المحكمة الدستورية، ونتأمل مثل غيرنا ألا يطول الأمر وألا يدخل البلد في سبات طويل في انتظار حكم المحكمة.

لا يبدو لي ان هناك مجازفة او حتى خسارة لأي طرف من احالة الامر للمحكمة الدستورية، وبالتالي تحصين المجلس القادم وانتخاباته. ولو حزمت حكومتنا أمرها منذ زمن وناشدت الاستعجال من المحكمة الدستورية لربما تلقت الحكم حتى قبل الاعلان عن الانتخابات. وبالنسبة لمعارضي الإحالة فإن معارضتهم غير مفهومة على الاطلاق، فهم من دون بقية خلق الله او من دون بقية السياسيين رابحين من الصوبين. فإن أفتت المحكمة ببطلان القانون وعدم جواز اجراء الانتخابات وفقا له يكونون ساهموا في تحصين المجلس القادم ووفروا على انفسهم مشقة الانتخابات وتكاليفها. وان أفتت بسلامته او حتى بعدم اختصاصها بنظره او بأي إجابة تنفي عدم دستوريته فهم الكاسبون، وهم من سيكون لديه الحق ان يعاير الحكومة ومن ساندها في أمر الاحالة، يمكن حتى يحق لهم يطلعون لسانهم ويقولون للجميع «ما قلنالكم».

لكن يبدو ان المعارضين يراهنون على اجراء الانتخابات وتحقيق اغلبية يحلمون بها، ويقومون بعدها بتعديل وتصحيح قانون الانتخاب، بالطبع حسب مصلحتهم، مع ان ذلك قد لا يحدث وفقا لقياسات اليوم الانتخابية. لكن هذا قد لا يكون مضمونا، لأن الطعن بعدم دستورية قانون الانتخاب قد يلغي اي قانون انتخابي «مصلحي» يصدره المجلس المطعون في انتخاباته، باعتبار ان لأعضائه مصلحة خاصة في توليف القانون حسب مصالحهم وانسجاما مع الانحياز وعدم العدالة الذي يدعي البعض توافره في قانون الانتخاب الحالي. اي ان ما بني على باطل فهو باطل، وما بني على مصلحة فئة معينة سيكون لمصلحة الفئة ذاتها، خصوصا اذا ما تم رفضه والطعن به من قبل من يدعي الظلم.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.