المعترضون على إحالة أمر قانون الانتخاب إلى المحكمة الدستورية بالتأكيد لديهم أسباب مقنعة لاعتراضهم. لكن المؤسف أن هذه الأسباب المقنعة مبنية على الشك في نية الحكومة وليس أي شيء آخر. هم مقتنعون مثل غيرهم بحق اللجوء إلى المحكمة الدستورية، وسلامة إجراءات اللجوء. وهم مقتنعون، أيضاً، بأن هناك عيباً في القانون، بل هم ومن الواضح خلال معارضتهم «الشرسة» أنهم على علم مسبق، أو بالأحرى لديهم فكرة واضحة عن طبيعة الحكم الذي ستتخذه المحكمة الدستورية. لهذا يعارضون بشدة ويسعون إلى التشكيك والطعن المسبق في قرار الإحالة.
يحاولون أن يطرحوا تناقضات أو اختلافات المواقف الحكومية السابقة للنيل من قرار الإحالة، بينما الواقع أنهم هم أصحاب التناقض، وهم من لا ينسجم طرحه مع ما يخفيه، بل حتى مع ما يعلن ويتبنى من برامج وآراء. يروجون لأمر تعديل قانون الانتخاب، بل هم يطرحونه كأولوية الأولويات، أحد شباب «حدس» يصر على أن يكون تعديل القانون في أول جلسة للمجلس القادم، لكنهم في الوقت نفسه وبجرأة غريبة يرفضون تعديله أو التأكد من دستوريته، ويغصبون الحكومة حق تعديله، في الوقت الذي يراهنون فيه على توافر أغلبية «دكتاتورية، إقصائية» لهم تتيح تعديل القانون وفق مصالحهم بدائرة واحدة وقوائم نسبية وما يريدون إقناعنا به من «أحزاب» قبلية دينية!
إذا كان لهم حق، منفردين.. كما يخططون لتعديل قانون الانتخاب وتفصيله حسب طموحهم ومبتغاهم، فلم ينكرون على الآخرين هذا الحق؟ وما الفرق بين قانونهم وقانون الحكومة أو في الواقع ظلمهم وظلم الحكومة؟ طبعاً هم «الأمة مصدر السطات» حسب ما يتغنون الآن، لذلك يعتقدون أن لهم حق تعديل القانون كما يشتهون. لكنهم يتناسون عمداً أن الأمة تمارس سلطاتها وفقاً للدستور وليس حسب هوى «من تغلب» حسب أدبياتهم وتخاريفهم. هم عودونا منذ زمن أن الدستور الذي يرفعون شعارات الدفاع عنه، هو آخر اهتماماتهم، فهم تناسوه عند فرض الاختلاط، ولم يعبروه حين منعوا الغناء والاحتفالات وتجاهلوه في أغلب قضايا المرأة، وقبل حل مجلسهم وضعوه على الرف لتمرير قانون إهانة الذات الإلهية!
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق