يبدو أن محمد هايف ليس عضواً في مجلس الأمة فحسب، بل هو نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، والدليل على ذلك أنه -وبدلاً عن وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود- قام بالإعلان عن إلغاء ملتقى النهضة الفكري الذي كان مقرراً أن يعقد في الكويت. مبرر الشيخ محمد هايف وبقية نواب السلف المعارضين لإقامة المنتدى يتمحور حول نقطتين، الأولى أن فكرة الدولة المدنية التي هي عنوان المنتدى تمثل مخالفة عقدية خطيرة لا يمكن السماح بها، أما نقطة الاعتراض الثانية فتتركز على أن بعض المشاركين في المنتدى معارضون للحكومة السعودية، وأنه لا يمكن السماح بأن تكون الكويت منبراً لمن ينتقد الشقيقة الكبرى. الشيخ محمد هايف لم يكتف بمنع إقامة المنتدى بل ذهب -حفظه الله- إلى أبعد من ذلك، وهو ما لا يملكه حتى وزير الداخلية بتحذير أي جمعية نفع عام من تبني واستضافة المنتدى، وهو التصريح الذي أتى بعد أن أعلنت جمعية الخريجين عن استعدادها لاستضافة المنتدى بالكامل، وهو موقف لا شك أنه يحسب للجمعية والقائمين عليها.
عندما يقول نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد هايف إن الدولة المدنية مخالفة عقدية فهو يريد أن يفرض رؤيته السلفية الخاصة على المجتمع الكويتي ككل، ويحق له ذلك مادام أن وزراء الحكومة غير الرشيدة ترتعد فرائصهم من تصريحاته وتبلغ أرواحهم التراقي من عاقبة غضبه. أما قول معالي الشيخ محمد هايف بأن بعض المشاركين يعارضون السعودية وأنه لا يمكن للكويت أن تسمح بذلك فهو كلام لم يقله حتى وزير الخارجية السعودي، وكأن معالي الشيخ محمد هايف أصبح ملكياً أكثر من الملك، لأن المشاركين السعوديين مقيمون في السعودية، ولهم نشاطات ثقافية معلنة فيها، زيادة على أن منتدى النهضة عقد في السنتين الماضيتين في قطر والبحرين ولم يعترض أحد. لكن حتى لو صح قول الشيخ هايف إن بعض المشاركين لهم موقف ناقد للسعودية فهل في ذلك جريمة، وهل أصبح نقد السعودية وبعض مسؤوليها محرماً بينما يتم انتقاد جميع وزراء حكومة الكويت -بل وحتى رئيس مجلس الوزراء- وتجريحهم والتعدي عليهم دون أن يعترض أحد على ذلك.
ردة فعل الكثيرين الساخطة على قرار إلغاء عقد المنتدى مبررة ومستحقة، لأن الاستمرار بما يتوافق مع النهج الفكري لمحمد هايف وجماعته خطر على هوية الكويت الثقافية، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه، بل يجب التصدي له بكل حزم وقوة حتى لا يستفحل، وحينها لا ينفع الندم. اللهم أمّنا في أوطاننا ولا تسلط علينا فكر محمد هايف، وارحمنا منه يا أرحم الراحمين.
د.صلاح الفضلي
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق