ناصر بهبهاني: ذكريات لم نتعظ منها

إذا كان ثمة ميزة تحسب لمسلسل «ساهر الليل» الذي تم عرضه خلال شهر رمضان المبارك عن أيام الغزو الآثم، فهو انه أعاد إلى ذاكرتنا المآسي الكارثية التي حلت بالكويت ولم نتعظ منها اليوم، وفي الوقت نفسه ذكرنا بالحالة الاجتماعية التي تميز بها المجتمع الكويتي في تلك الفترة، والتي أصبحت اليوم مهددة بسبب الأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد بين وقت وآخر، وذكرنا المسلسل أيضا بوطن جميل استفقنا فجأة في الثاني من أغسطس لنجده «محافظة» ملحقة بكيان سياسي بعثي مجرم.
لقد نقل المسلسل الصورة المثلى التي عاشتها الكويت آنذاك من تعاضد وتآلف ووحدة وطنية على مستوى عال من الوعي، في تلك الأزمة غابت كل ألوان الطيف الديني والسياسي والاجتماعي وتوحدت تحت لون علم الوطن.

وبغض النظر عن مناقشة الحالة الفنية للمسلسل والهفوات الإخراجية، إلا ان الموضوع بحد ذاته كان مناسبا لان يبث في هذه الأيام التي نسي كثير منا قساوة تلك الحقبة، وشظف العيش فيها وحجم الكارثة التي ألمت بالبلاد، وما كنا عليه من ضياع في أنحاء العالم، وكنت أتمنى حقيقة لو ان أصحاب التأزيم السياسي ممن يدفعون البلد إلى هاوية محتملة، ان يطلعوا على المسلسل، لعدة أسباب:

أولا: لكي يتذكروا الوضع الذي كنا عليه في تلك الأزمة بحيث انتقلنا على حين غرة من العيش تحت مظلة نظام ديموقراطي تعددي ومؤسساتي، إلى نظام قمعي تعسفي جلاد لا يتوانى في إطلاق أحكام الإعدام بشكل عبثي، وبالتالي لكي يحافظوا على نعمة الديموقراطية، السبب الثاني الذي كنت أتمنى لو ان المؤزمين شاهدوا هذا المسلسل، يكمن في ان نتائج أفعالهم التي يقومون بها اليوم لا تقل كارثية عما فعله الغزو بنا من دمار على كل الأصعدة، بل الأصعب من ذلك ان من دمرنا هم اعداؤنا من الخارج، وان من يريد تدميرنا اليوم هم أصدقاء وأهل لنا من الداخل، وهم باعتقادهم انهم يبنون.

nasser@behbehani.info

المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.