“يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” (البقرة 269).
أعتقد أن الفترة الحالية من تاريخ الشرق الأوسط هي فترة حرجة جداً بسبب احتمال المزيد من الاضطرابات الاجتماعية والفتن والقلاقل. ولعل هذه الحالة المتأزمة لإقليمنا الشرق أوسطي بشكل أو بآخر تبدو سمة تاريخية لأوضاعه السياسية والاقتصادية ولكن زادت وتيرة الاضطرابات بسبب ما يطلق عليه “الربيع العربي” ما حول الاقليم إلى برميل بارود جاهز تماماً لمزيد من النزاعات المذهبية والعرقية والسياسية. ومن هذا المنطلق, ولأن ما يحيط بنا إقليمياً نحن الكويتيين لم يعد آمناً أو على الأقل لم يعد هادئاً نسبياً كما في السابق, فمن المفترض أن يخفف بعض معارضي الحكومة من نقدهم اللاذع, ويعتنقوا بدلاً من التصعيد الانتخابي التهدئة والنقاشات العقلانية. الامر الذي يستدعي كذلك الحرص الشديد في الحفاظ على أمن وطننا وتقوية وحدتنا الوطنية والحرص كل الحرص على وأد الفتن قبل أن تبدأ والابتعاد قدر المستطاع عن الطروحات التأزيمية.
على سبيل المثال, أعتقد أن الدعوات المتكررة من قبل بعض الناشطين السياسيين والأغلبية البرلمانية السابقة للنزول للشارع او حتى التجمع في ساحة الإرادة ليس مناسبة إطلاقاً. وخصوصا في ظل ما يحدث من تطورات إقليمية سلبية للغاية. فالمنطق والعقلانية والحنكة السياسية تتطلب مزيداً من التهدئة في ساحتنا المحلية حتى لا نعرض أنفسنا ككويتيين ووطننا للمحن والقلاقل, لا قدر الله. فمن آتاه الله عز وجل الحكمة والبصيرة يدرك تماماً أن ما يحدث في سياقنا المحلي ولاسيما في ما يتعلق بقضية الدوائر والانتخابات لا يمكن عزله تماماً عما يجري حولنا في الاقليم, فحتى لو كانت قضية تعديل الدوائر موضوعاً كويتياً بحتاً ولكن يصعب فصله تماماً أو عدم تأثره بما يجري في إقليم الشرق الأوسط.
والواقع الاقليمي المتفجر يتطلب من عقلائنا وحكمائنا الوطنيين ومن لا نزال نتوسم فيهم الخير والوفاء والمحبة لوطنهم الكويت الحرص كل الحرص على عدم تعريضنا لما يجري حولنا في الاقليم. فنحن الآن في أمس الحاجة الى مزيد من التهدئة والحوارات الوطنية البناءة والبعد كل البعد عن تأزيم العلاقات الوطنية بين شرائح المجتمع. فجميعنا ككويتيين نرغب في تحقيق مزيد من التطور لبلدنا ولمجتمعنا ومن المفروض كذلك أن يرافق ذلك الحرص التطوير وتنفيذ خطط التنمية والحرص على أمن الكويت. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق