خالد الجنفاوي: الوصاية على إرادة الأمة

أميل إلى عدم الوثوق بمن يطلق الشعارات الرنانة وبخاصة تلك التي تتردد في سياق خطابات انتخابية متكررة. واعتراضي على ترديد البعض للشعارات الرنانة ودغدغة مشاعر بعض الناس سببه إيماني بخواء وعدم واقعية تلك الشعارات الرنانة. ولعل ما يحدث في بيئتنا المحلية الكويتية هذه الأيام هو بروز ظاهرة “الوصاية على إرادة الأمة” واستغلالها لمصالح انتخابية وشخصانية بحتة. فعندما يردد أحد أقطاب التيارات السياسية المحلية مصطلح “إرادة الأمة” في تغريداته وخطاباته العتيقة ويحاول قدر استطاعته إبراز نفسه كالوصي على “إرادة الأمة” فهذا أمر لا يقبله العقلاء ولم يعد ينطلي على عامة الناس. فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن يستمر خداع عامة الناس بجعجعة الكلام المبهم حول إرادة الأمة. فهذه الأخيرة (إرادة الأمة) ليس ملكاً خاصاً لأحدهم ولا يمتلك أحدهم الحقوق الحصرية في استعمالها في خطابته وشعاراته.
وأعتقد أن من يستمر يردد شعار “إرادة الأمة” وهو شخص عادي ويصور نفسه كالإنسان الوحيد المسؤول عنها وعن حمايتها من أعدائها المتخيلين: فهو بشكل أو بآخر يرفض إرادة الأمة. بمعنى آخر, من لا يوجد على طرف لسانه سوى تكرار كلمات نارية وشعارات خاوية حفظها أغلب من تابعوا مسيرته السياسية المتناقضة لم يعد بإمكانه بعد الآن خداع الآخرين. فالوعي السياسي المحلي وصل مرحلة متقدمة من البلوغ بحيث لن ينطلي وبخاصة على الأجيال الكويتية الجديدة ترديد شعارات عفى عليها الزمن يهدف من ورائها البعض البقاء أطول فترة ممكنة في دائرة الضوء.
في المحصلة الأخيرة, أعتقد أن من يرغب فعلاً في “الالتفاف” على إرادة الأمة و”الانقضاض” على مقدراتها ومن يريد فعلاً “إلغاء” إرادة الأمة هو من لا يفارق لسانه “إرادة الأمة” فإذا كان كل إناء بما فيه ينضح, فمن يرغب في قرارة نفسه بالسيطرة والسطوة واستغلال “إرادة الأمة” لمصالحه الشخصية والانتخابية هو الذي لا يفتأ يرددها بشكل مبالغ فيه يكشف فيه عن ما في صدره من خطط ومحاولات شخصانية للوصاية التامة على إرادة الأمة والله المستعان.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.