أسيل أمين: عفواً.. أنتم لا تمثلون كل الأمة

تبدأ إجازة العيد ككل عام والفرح غائب، لأن أبواب الكويت في وجهه موصدة! احتسيت في صباحه فنجان قهوتي بينما أتصفح الجريدة، نعم.. قضيتها في الكويت، ولولا الظروف لكنت مع طيور الأسراب المسافرة. اقرأ هذا الخبر «ثمانية وتسعون ألف كويتي سافروا عبر المطار جوا في إجازة العيد».. فضلا عمن سافروا برا، فماذا نملك غير الأسواق وقاعات السينما ومتنزهات خاصة ومكلفة ماديا؟ ما عدا ذلك من مرافق ترفيهية حكومية أصبحت قديمة لا تتجدد و«مُغالى في حشمتها»!

أبحث عبر الإنترنت عن بعض الكتب، لأني لا أجدها في الكويت، فمعرض الكتاب يقدم إلينا كل عام ممسوخا ورثا، بعد أن تسن الرقابة سكينها وتنحر أعدادا كبيرة من الكتب قربانا لأصنام فكر متطرف، يختارون للمواطن الكويتي ما يقرأه، يحبسون فكره في أدراج فكرهم الضيقة.. كي لا يطلع على رحابة هذا الكون الفسيح.. كي لا يكون حرا بأفكاره وقائد نفسه.. كي يبقى مقيدا ومقادا من قبلهم وأفكارهم التي لا تتسع للمحبة، ولا تتسع فيها مساحات الفرح!

تتصل بي صديقة تقترح علي الذهاب إلى مسرحية.. أي مسرحية، هي اعتادت ارتياد مسارح لندن، قلت لها «عزيزتي.. ألا تعلمين أنه لا يوجد لدينا مسرح راق يحظى ولو بربع الإمكانات التقنية والفنية لأحد مسارح لندن؟ فعندنا من يعرقل بناءها بل وإقامة الحفلات أيضا.. فلا يعزف في الحياة الأنغام من يزرع فكر التطرف، أما إن كنتِ تحلمين بحضور عرض أوبرالي، فعذرا لا توجد دار أوبرا.. سافري إلى مسقط، وإن وددت حضور حفل غنائي أو موسيقي عالمي.. سافري إلى دبي»!

استحدثت دبي وطورت سياحة المجمعات التجارية وأصبح الناس يسافرون لأجلها خصيصا من كل حدب وصوب، أنشطة وعروض ترفيهية لا تحصى، كل باحاتها وممراتها تستغل لقضاء وقت جميل مع الأسرة لا يخلو من وسائل مرح متنوعة، بينما نجد مجمعاتنا التجارية تكاد أن تكون فارغة من كل هذا، أقيم «موب فلاش» راقص لشركة اتصالات في أحدها أبهج قلوب الصغار قبل الكبار، فتعالت بسببه حناجرهم صراخا.. وماذا تأملون منهم بعد؟

لا فرق في رزنامة الأيام عندنا سوى «تكبير المخدة» في الإجازات، فحتى المتوافر في المساءات كالمطاعم والمقاهي زوبعوا على أبوابها ليلا وزمجروا، لتشرب الكويت الحليب كالأطفال وتنام باكرا.

في بقاع أخرى من العالم يهتفون بالحب والتسامح والسلام، وهم ينفثون كره الحياة ويطالبون بهدم الكنائس ويشنون حروبا «معلنة وخفية» على بني وطنهم.. فكيف يأتي على أيديهم الإصلاح؟

هتفوا «إلا الدستور» فجرحوه.. نادوا بالحريات فطالبوا بالإعدام!

أسيل عبد الحميد أمين

aseel.amin@hotmail.com

AseelAmin@
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.