مظفر عبدالله: الشركة الكويتية لاستقدام العمالة

ن موضوع استقدام العمالة المنزلية بات إحدى المشاكل التي تؤرق البيت الكويتي ومن عدة جوانب، منها ارتفاع مبالغ الاستقدام بشكل ملفت ليتراوح ما بين 600 و1000 دينار بعد أن كان السقف لايتعدى الـ500 دينار، إضافة إلى مسألة هروب الخدم التي يبدو أنها عملية مدبرة من بعض أصحاب المكاتب.

أول العمود:
يشير تقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” إلى أن قيمة الاستثمارات الواردة للكويت بلغت 319 مليون دولار في 2011 وبذلك تكون واحدة من أقل الدول جذبا للاستثمارات، بينما بلغت قيمة التدفقات الاستثمارية الصادرة من الكويت للعام نفسه 8.7 مليارات دولار فيما يسمى بظاهرة هروب الاستثمار للخارج.
***
في فبراير الماضي أعطى مجلس الوزراء موافقته المبدئية على مشروع إنشاء «الشركة الكويتية المساهمة» لاستقدام وتشغيل العمالة المنزلية، وأشرك المجلس كلاً من الهيئة العامة للاستثمار ووزارة الداخلية وإدارة الفتوى والتشريع لدراسة المشروع خلال شهر، وترأس الاجتماع آنذاك وزير المالية مصطفى الشمالي، وكانت الدراسة الخاصة بهذا المشروع أُعدت خلال عام 2009 وأُدرجت ضمن خطة عمل الحكومة، ولم يصدر أي فعل حكومي إلى الآن يشرح نتائج تلك الأعمال.
الحاصل أن موضوع استقدام العمالة المنزلية بات إحدى المشاكل التي تؤرق البيت الكويتي ومن عدة جوانب، منها ارتفاع مبالغ الاستقدام بشكل ملفت ليتراوح ما بين 600 و1000 دينار بعد أن كان السقف لايتعدى الـ500 دينار، إضافة إلى مسألة هروب الخدم التي يبدو أنها عملية مدبرة من بعض أصحاب المكاتب، ويجري جني أموال طائلة من ورائها، بينما يفرض هذا الملف أعباء سياسية على الدولة من خلال الرصد الدولي بموجب اتفاقية مكافحة الاتجار بالبشر ونشاط منظمة الهجرة الدولية في هذا الجانب.
وتبدو الأرقام المتاحة في هذا الملف مخيفة إذا ما تابعنا الجهد الضعيف المبذول بشأنها، فوزارة الداخلية اليوم تدير هذا الحجم الكبير من العمالة المنزلية والذي يفوق نصف مليون نسمة بإدارة صغيرة ومحدودة الموظفين؛ اسمها إدارة العمالة المنزلية، بينما تفيد إدارة الإحصاء المركزي أن تعداد الوافدين القادمين إلى الكويت يوميا يبلغ 700 نسمة معظمهم من فئة الخدم، بينما يزور موقع (خدم دوت كوم) الكويتي 40 ألف متصفح يوميا، ما يعكس حاجة الناس لسد معاناتهم، ويتضمن الموقع معلومة مهمة وهي أن عدد حالات تحويل الخادمات المسترجعات يبلغ 400 خادم وخادمة شهريا.
نعود الآن إلى موضوع إنشاء الشركة المنوط بها استقدام العمالة، ونطرح الأسئلة البدهية حولها، وأولها ما إذا كانت ستشكل بديلا لنظام الكفيل؟ وهل ستقتصر مهمة الشركة على توفير عمالة بسعر مناسب ومعقول بدلا من جنون الأسعار الحالي والمبني على شبهة اتجار بالبشر؟ وهل ستتدخل الشركة لوضع عقد اتفاق بين العامل والمستفيد يؤسس للحقوق والواجبات المطلوبة لكل طرف؟ وهل ستستفيد الدولة من إنشاء هذه الشركة بأن تكون سداً ضد الضغط الدولى عليها؟ وما مصير مكاتب جلب العمالة الحالية التي تقترب من الـ1000 مكتب مع إنشاء الشركة؟ وإن كانت الشركة ليست بديلا عن المكاتب القائمة فما الهدف من إنشائها؟ وهل ستفرض الشركة ضوابط جديدة على المكاتب الخاصة للاستقدام؟
في الحقيقة إن الإجابة عن الأسئلة السابقة ستؤسس لعلاقة جديدة بين الدولة من جانب، والأسرة والخادم من جانب آخر، وربما ستضع حداً لتباين تعامل الدول المصدرة للعمالة مع الدول المتلقية والمستفيدة من هذه الخدمة، وهي في الأغلب ستكون في مصلحة الضحيتين وهما: الأسرة والخدم، فرأيي هو أن كثيراً من المكاتب اليوم يعمل وبتعمد على التغرير بالخدم وتحريضهم على الهروب بعد فترة الكفالة من أجل توظيفهم في عدة منازل ضمن نظام (الخادمة المرتجعة)، فتخسر الأسرة ويتم الإساءة إلى الخدم بصفتهم الطرف الأضعف في الحلقة.
نتمنى أن يضيف مشروع الشركة شيئا إيجابيا في ملف العمالة المنزلية لا أن يكون مجرد مكتب استقدام جديد يحمل اسم “شركة”.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.