عندما نبهنا إلى «تخبط» الأغلبية البرلمانية منذ انتخابها، كان الهدف تصحيح مسارها، والاستفادة من الفرصة التي ربما لن تتكرر مرة أخرى، وخصوصاً مع وجود حكومة رئيس وزرائها الشيخ جابر المبارك، وقد مدت يدها للتعاون مع الأغلبية، وحرصت على الالتزام بالدستور والقانون أثناء عملها، لكن تلك الأغلبية لم تشعر بما يحيط بها إلا بعد فوات الأوان.
الأغلبية بنيت على أساس خاطئ ولم تكن معايير الانتساب لها واضحة، ما أدى إلى انضمام نواب ليس لهم مواقف واضحة من مشروع الإصلاح السياسي إلى عضويتها، وقد أدى دخولهم في الأغلبية البرلمانية إلى عرقلة جهودها وإضعافها أمام التحديات المفترض بها مواجهتها والتصدي لها، وكانت الكارثة أربعة شهور دون إنجازات.
المشكلة الآن أن الأغلبية البرلمانية بدلا من تصحيح مسارها دخلت في متاهة جديدة، وراهنت على شخوص لا يمكن أن يكونوا يوما ما ذوي مواقف من المال العام، رغم الجهد الذي بذلته حكومة الشيخ جابر المبارك لتحويله إلى خط أحمر لا يسمح بالمساس به، كما أدارت ظهرها للكثير من المرشحين الذين يمكن أن يكونوا إضافة جديدة للعمل الشعبي، وأعلنت تقوقعها انتخابيا ضمن مسارات خاطئة.
مشروع الإصلاح السياسي لا يحتمل أن يكون للقبيلة أو الطائفة أو العائلة دور محوري في العمل السياسي، بل يركز على الكفاءة الفردية دون النظر إلى كل تلك التصنيفات الاجتماعية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال طرح مثل ذلك المشروع في أجواء كتلك التي نعيشها الآن، ما يدعونا إلى التفريق بين المماحكة السياسية كتلك التي نمر بها من جهة، ومشروع سياسي بحجم تغيير طبيعة الدولة وتجديدها.
مسؤولية «غربلة» الأغلبية البرلمانية تقع على عاتق التيارين الرئيسين في تلك الأغلبية، وأقصد بهما الحركة الدستورية والتجمع الإسلامي السلفي، وينبغي أن تكون المعايير صارمة عند القيام بتلك الخطوة، فالمرحلة المقبلة لا تقبل المجاملة لأي طرف كان، باعتبارها مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد، وتتطلب منا أن نكون أكثر قدرة على المراجعة الذاتية، والتخلص من نقاط الضعف التي ارتبطت بتلك الأغلبية منذ انتخابها حتى اليوم.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق