محمد الجاسم: الله يهني سعيد بسعيدة

لا أتفق حاليا مع «النهج» الذي تتبعه كتلة الأغلبية لمواجهة مخططات السلطة الرامية إلى القضاء على النظام الدستوري القائم، فهذا النهج ينطلق من ذهنية انتخابية بحتة تتبنى خيار الاكتفاء برفض مخططات السلطة دون مقاومتها، والاكتفاء بتنظيم ندوات في الهواء الطلق، وتسجيل موقف يستخدم لاحقا في الانتخابات. ومن الواضح أن كتلة الأغلبية ترغب في احتكار العمل السياسي في المرحلة الراهنة، لذلك لا يتوافر لديها الحماس اللازم لتشكيل الجبهة الوطنية لحماية الدستور التي أعلنت عزمها على تأسيسها في آخر بيان لها.
وفي تقديري الشخصي، تعاني كتلة الأغلبية من التفاوت الكبير بين اتجاهات الأعضاء فيها، ويبدو أن أغلبية الأغلبية تميل إلى الاكتفاء بالاعتراض على مخططات السلطة، مع إبقاء الباب مفتوحا أمامها للمشاركة في الانتخابات القادمة، حتى لو انفردت السلطة بتعديل الدوائر الانتخابية. وقد سبق لي أن ذكرت أكثر من مرة أن العمل الانتخابي الصرف لا يمكن أن يحقق الإصلاح السياسي المنشود.. صحيح أنه قد يوفر لمن يشارك به بعض الأصوات في الانتخابات، إلا أن ما تحتاج إليه الكويت هو إصلاح سياسي جذري ينهي الاستنزاف السياسي الذي استمر نحو نصف قرن من الزمان.
وتعاني الأغلبية أيضا اختلاف ميول وأهواء القاعدة الانتخابية، فنواب المناطق الداخلية يميلون إلى الاكتفاء باستنكار مخططات السلطة ويرفضون العمل الميداني، لأنهم يرون أن قاعدتهم الانتخابية «حساسة» تجاه فكرة «الخروج إلى الشارع»، أما نواب المناطق الخارجية فإنهم يدركون أن جمهورهم متشدد ويدعم مقاومة مخططات السلطة، ولا يعارض فكرة الخروج إلى الشارع. ويبدو أن التفوق في هذه المرحلة من نصيب نواب المعارضة «الخفيفة»!
إن نمط المعارضة الخفيفة المستأنسة لن يحقق نتائج حاسمة، بل هو النمط الذي يمنح السلطة اليد الطولى في العمل السياسي، ولن يجبر الحكومة على التراجع عن مخططاتها. لذلك، وما لم تعد الأغلبية النظر في نهجها، فإنني أقول «الله يهني «سعيد» السلطة بـ «سعيدة» المعارضة!
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.