في رده على اتهام نظام دمشق دول الخليج بقتل وسفك دماء السوريين، حمل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد نظام دمشق المسؤولية الكاملة عن زهق الأرواح والدماء الشعب السوري على اعتباره من يملك الأسلحة الثقيلة كالمدفعيات والطائرات، وهذه الحقائق لايمكن انكارها وكلها تدل على ان المسؤول عن معاناة الشعب السوري هو نظامه.
وشدد الخالد خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد مساء أمس الأول بوزارة الخارجية بمناسبة زيارة وزير الخارجية الألماني للبلاد شدد على ان الكويت ناشدت وطالبت النظام السوري منذ أكثر من سنة بالابتعاد عن الحل الأمني والتوجه للحل السياسي لتحقيق رغبات الشعب السوري في رسم مستقبله.
وجدد الخالد تأكيده على ان مفاعل بو شهر الايراني الذي يقع شرق البلاد ويبعد 120 كم فقط يمثل مصدر قلق حقيقي بالنسبة للكويت والمنطقة، مشيرا الى ان المنطقة شهدت عبر عقود من الزمن حالة من عدم الاستقرار، وكل دول المنطقة والعالم يريد ايجاد حل سلمي لهذا الملف، ونحن دائماً على اتصال بكل بالايرانيين ونحثهم على تحمل مسؤولياتهم تجاه ازالة كل الشكوك حول المشروع النووي.
وحول العلاقات الدبلوماسية الكويتية – الألمانية أوضح أنها تعود الى عام 1964 قد أثبتت صلابتها وتقاربها طوال السنين الماضية، وحجم التعاون الثنائي دليل واضح على مدى قوة تلك العلاقات.
وأكد ان دولة الكويت تقدر وبعمق كبير موقف الجمورية الألمانية الاتحادية أثناء الغزو الصدامي على دولة الكويت عام 1990، كما تقدر الدور المهم والمسؤول الذي تقوم به ألمانيا في تعاملها مع القضايا الدولية والأقليمية وكذلك مع المسائل ذات الأهمية بالنسبة لدولة الكويت، قائلا «نحن ممتنون للدور لذي لعبته ألمانيا في حرب تحرير الكويت بعد سبعة أشهر من المعاناة والألم».
وحول ماتعانيه منطقة اليورو من أزمة ديون، قال الخالد: لطالما اقتنعت ان أوروبا الموحدة ستقوم بحل كل مشاكتها، ونحن في منطقتنا الخليجية نستفيد من الدروس التي نتعلمها من أصدقائنا، لأننا نواجه الازمات نفسها ومثل هذه التجارب يكون مفيدا بالنسبة لنا.
اما بخصوص اجتماع وزراء الخارجية العرب القادم في القاهرة قال الخالد: الاجتماع سيشهد تسليم الكويت الرئاسة لبنان، وسيتم التطرق لطبيعة تدهور الأوضاع في سورية خصوصا مع بروز العديد من المستجدات مثل انتهاء مهمة الموفد الدولي والعربي كوفي عنان وترأس الأخضر الابراهيمي لهذه المهمة، وفي ظل ترؤس ألمانيا حاليا لمجلس الأمن، كما سنبحث كل القضايا والمستجدات والافكار التي طرحت بالقمة الاسلامية، وخصوصا بعد تكوين لجنة اتصال من مصر وتركيا وايران والسعودية.
وحول اللقاءات الذي أجراها الوفد الكويتي مع الايرانيين والعراقيين للتنسيق ومتابعة اللجان المشتركة على هامش مؤتمر قمة عدم الانحياز، قال الخالد: استثمرنا وجودنا في طهران والتقينا بوزير خارجية ايران بالاضافة الى مجموعة كبيرة من وزراء خارجية العديد من الدول، ويهمنا التواصل مع ايران وأن تكون قنوات الاتصال مفتوحة معهم، وكانت هناك فرصة أيضا لمناقشة القضايا الثنائية بين البلدين، وكان هناك اتفاق على عقد اجتماعات للجنة المشتركة ولكن لظروف خاصة بين البلدين تم تأجيل تلك الاجتماعات لأكثر من مرة ولكن سنقترح مواعيد جديدة، أما بالنسبة للعراق فكانت المباحثات معهم بمثابة استكمال لبعض الاتصالات لتنفيذ ماتم الأتفاق عليه بين البلدين.
شريك عزيز
من جهته أكد وزير الخارجية الألماني د.جيدو فيسترفيلا ان الكويت شريك مهم وعزيز لألمانيا، وأنهم سعداء لارتباطهم بعلاقة صداقة وثيقة مع دولة الكويت، وخصوصا في ظل وجود علاقات تاريخية وطويلة بين البلدين، معتبرا ان التضامن الالماني مع دولة الكويت ابان الغزو الصدامي عام 1990 جاء احتراما للمواثيق والقوانين الدولية.
وقال: نحن نعمل معاً في توثيق المشاريع المشتركة بين البلدين مثل بناء البنية التحتية للمواصلات وبناء محطات توليد الكهرباء في الكويت، وفرص التعاون الاستثماري والاقتصادي بين البلدين تشهد نموا دينامكيا، كما ان العلاقات السياسية التقليدية وثيقة وتحظى بأهمية من قبل حكومتي البلدين.
وتطرق الى أهم القضايا التي ناقشها مع وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، مشيرا الى انه جدد تأكيده للخالد بأن الحكومة الألمانية مصممة على التغلب على الديون التي تعصف ببعض الدول الأوروبية، على اعتبار ان الكويت مستثمر محوري على الصعيد الدولي ويهمها استقرار منطقة اليورو.
وأوضح ان من الملفات التي ناقشها ايضا قضية الملف النووي الايراني، حيث أكد ان الحكومة الألمانية تشعر بالقلق من بعض الصعوبات والمخاطر التي تواجهها دول وشعوب الخليج تجاه هذه القضية، وأنها تتفق أيضا مع دول الخليج حول ضرورة حل هذه القضية بالطرق السلمية، مطالبا طهران بتحقيق النتائج الملموسة والايجابية لما هو في صالح استقرار المنطقة وعدم الرهان على عامل الوقت.
وحول الدعوة التي وجهها الايرانيون للأمين العام للأمم المتحدة لزيارة المنشآت النووية خلال قمة دول عدم الانحياز، قال فيسترفيلا: نحن نريد حلا سياسيا ودبلوماسيا للملف النووي، وهذا الكلام لايكفي ولكن الافعال هي المهمة، والايرانيون لهم الحق في استخدام الطاقة السلمية، ولكن عليهم ان يتحلوا بالشفافية اذا كان لبرنامجهم النووي طابع سلمي، ولهذا نحن نناشد طهران ان تسمح للمفتشين الدوليين دخول كافة منشآتها واحترام القانون الدولي.
أما بشأن القضية السورية، قال فيسترفيلا: ندعو للحوار وانهاء هذه القضية بالشكل السلمي وبأسرع وقت ممكن، لأن مايقلقنا حاليا هو تدفق اللاجئين السوريين على دول الجوار والذي من الممكن ان يؤدي لخلق معاناة انسانية جديدة، ويجب ان نعي ان الحل السياسي يجب ان يكون مشتركا بين كل الأطراف، وأن المساهمات من العالم الاسلامي في هذا الوقت مهمة جدا، ونحن نقدر الالتزام الكويتي بتحسين أوضاع السوريين على ارض الواقع.
وحول موقف الصين من الأزمة السورية، وخصوصا أنها كانت المحطة الأولى قبل زيارته للكويت، أوضح فيسترفيلا أنه على الرغم من الشراكة الاستراتيجة بين الصين وألمانيا الا ان هناك اختلافا في وجهات النظر والآراء حول الملف السوري، ونحن على قناعة ان العنف يجب ان ينتهي من خلال الحل السياسي، وجدد تأكيده على ان انطلاق الديموقراطية السليمة في سورية لايمكن تحقيقها في ظل وجود نظام بشار الأسد، ما يتوجب وجود موقف واحد مشترك، وفرض عقوبات جديدة على سورية تساهم في زيادة الضغط، مع ضرورة تقوية الموقف الدولي من أجل وقف العنف ونزف الدماء، نافيا بشدة ان تناقش ألمانيا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أي سيناريو عسكري تجاه نظام دمشق لأن ذلك سيؤدي الى انتشار رقعة النزاع الى كل المنطقة.
وأكد فيسترفيلا ان المبعوث الدولي والعربي الجديد الأخضر الابراهيمي سيحصل على كل الدعم، لأنهم يريدون التصرف بتعقل ولايريدون ان تمتد الأزمة الى دول الجوار، مضيفا أنهم سيواصلون العمل نحو تحقيق الحل السلمي عن طريق الامم المتحدة ولن يتوقفوا، بل أنهم سيتحدثون الى كل من بكين ورسيا من اجل التفكير في تغيير سياستهم في مجلس الأمن، واصفا خطاب الرئيس المصري محمد مرسي في قمة دول عدم النحياز بالمشجع.
ورفض فيسترفيلا مقارنة التفاعل الدولي بين مايحصل في سورية وبما حدث في ليبيا، وذلك بسبب وجود اختلاف كبير في الوضع وبنوعية الاسلحة التي تستخدم، وقال: استضفنا في ألمانيا لقاء لممثلي المعارضة السورية قبل فترة قصيرة، حيث اتفقوا على وضع برنامج مشترك، لأننا نولي أهمية خاصة ان تتوحد المعارضة صفوفها من أجل ايجاد بديل لما بعد نظام الأسد، ولهذا نحن ندعمها ونعتبرها مهمة جدا بالنسبة لنا.
من جهة أخرى، وفي الشأن السوري أيضا، اعتبر المشاركون في ملتقى «الفزعة لداريا وشهدائها» صمت الحكومات العربية عن مجازر النظام السوري تواطؤا معه، مؤكدين ضروة دعم الشعب السوري والجيش الحر من خلال فزعة اسلامية وعربية وانسانية.
وقال النائب د.وليد الطبطبائي ان استضافة اللاجئين السوريين لا تكفي ولابد من تزويد المجاهدين في سورية بمضادات للطائرات والدروع واغاثة المصابين وتوفير الأدوية، أما الناشط السياسي صالح المزيد فقد تساءل أين المسؤولون في الدول العربية عما يحدث في سورية؟!، فالأرواح تتطاير الى السماء والمسؤولون كالأصنام، في حين قال عبدالله فهاد ان ايران الداعمة للنظام السوري وصلت بها الصفاقة الى تحريف ترجمة كلمة الرئيس المصري محمد مرسي التي ألقاها في قمة عدم الانحياز.أما بقية المشاركين في الملتقى فقد دعوا الى حملة تبرعات للشعب السوري، ومؤازرته، حيث تبرع النائب وليد الطبطبائي بمبلغ 500 دينار.
المصدر”الوطن”
قم بكتابة اول تعليق