عبداللطيف الدعيج: أعلام للقبائل والطوائف

المادة 19 من قانون المطبوعات بعد التعديل الاخير الذي اجرته «الاعلام» منفردة قبل ايام:
«.. يحظر المساس بالذات الإلهية أو القرآن الكريم أو الأنبياء أو الصحابة الأخيار أو زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو آل البيت عليهم السلام او امراء القبائل طال عمرهم او رؤساء الطوائف حفظهم الله بالتعريض أو الطعن أو السخرية أو التجريح بأي وسيلة من وسائل التعبير..».
دواوين الدائرة الاولى، وفق زعم بيان أُصدر يوم الجمعة الماضي، تستنكر التعدي على النائب حسين القلاف باعتباره من بني هاشم «افضل القبائل والعشائر في العالم» وفق وصف البيان. وهذا ربما كان معقولا.. لكنه لن يعنينا، وليهنأ السيد القلاف وعموم بني هاشم بهذه الافضلية ـــــ اذا توكل خبز ـــــ لكن البيان يتمادى ليعتبر الاهانة له اهانة للطائفة الشيعية!
هذا يعني ان اي انتقاد او خلاف مع النائب المثير للجدل اصلا، حسين القلاف، سيعتبر تعديا على الطائفة الشيعية، واهانة لها. طبعاً هذا جنون.. لكن سبقهم بعض الاخوان العوازم في ذلك الذين اعتبروا ايضا التعدي على السيد فلاح بن جامع، تعدياً على قبيلة العوازم، طبعا رؤساء وزعماء المقاطعة مثل السيد احمد السعدون ومسلم البراك وبقية الشلة، مضوا الى ابعد من ذلك، حيث اعتبروا التعدي على السيد الجامع تعديا على عموم قبائل الكويت. هذا رغم ان السيد الجامع هو من بدأ بانتقاد الغير واتهامهم، ورغم انه في النهاية عمل في الحقل السياسي المباشر، وكان عضوا من اعضاء المجلس الوطني. والتكتل الشعبي والرئيس احمد السعدون هما من أدان وخون كالعادة اعضاء المجلس الوطني اكثر من اي طرف آخر. لكن مع هذا لم يجد السيد السعدون حرجا في زيارة السيد الجامع في اعلان للتضامن معه بعد النقد اللاذع الذي تعرض له في قناة «سكوب».
وزارة الاعلام تتبع الجنون ذاته، وتنضم إلى الزار وترقص فيه، وتحيل قناة «سكوب» للنيابة. رغم ان السيد الجامع يدل طريق قصر العدل، وبامكانه رفع دعواه الخاصة على القناة المعنية وعلى السيد القلاف. لكن وزارة الاعلام ابت في جنون الا ان تتطوع وتصطف مع طرف ضد طرف آخر، رغم انها تمثل الحكومة والمجتمع ايضا.
يعني الآن.. وفي مجتمع ديموقراطي اطلق حرية الفكر والانتقاد، وانتصر لحرية التعبير والبحث العلمي.. في هذا المجتمع الديموقراطي لا يمكن انتقاد مشهوري القبائل اوالطوائف أو زعمائها، وإلا فإن هذا الانتقاد سيفسر على انه اعتداء على القبيلة بمجملها او اهانة لكل الطائفة. كل هذا يحدث الآن وما يسمى بقانون الوحدة الوطنية لم يصدر بعد.. ليش ما توزعون عليهم «اعلاما حمرا وتفكونا؟!».
***
لمن لم يلحق على «الاعلام الحمر»، هذه كانت عبارة عن علم الكويت الاحمر القديم. كان الشيوخ يضعونه على سياراتهم للتمييز. واي سائق يطوف سيارة حاملة العلم يتعرض لــ«الدب» على الطريق نفسه. وقد قام الامير المؤسس رحمه الله بإلغاء الاعلام ومساواة سيارات العائلة الحاكمة و«سواقها» ببقية خلق الله. بعد حل مجلس 1976 تم تغيير لوحات السيارات المرورية، وتم صرف بعض الارقام الجديدة لبعض المواطنين، لكن ادارة المرور في حركة مريبة طالبت باستعادة الارقام الصغيرة واستبدالها بارقام غير مميزة. وشك بعض الاحرار في ان الهدف من ذلك تمييز سيارات ابناء العائلة الحاكمة عن بقية الناس فرفضوا في جرأة فريدة تسليم اللوحات ذات الارقام الخاصة التي تحصلوا عليها، مما اجبر ادارة المرور على التراجع وغض النظر عن فكرة «التمييز». على فكرة النظام السوري لديه التمييز نفسه بالأرقام وقد تم تهريبي الى لبنان في احدى هذه السيارات. حرس الحدود ادوا لنا ـــــ او قل للسيارة ـــــ التحية ومرقنا الى لبنان بسلام.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.