علق النائب احمد السعدون على الفقرة الحكومية في كتاب الطعن على الدوائر، والخاصة بانتفاء العدالة والمواطنين قائلا اذا كانت الحكومة تريد العدالة التامة والمساواة المطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين فلا يمكن تحقيقها الا بالدائرة الانتخابية الواحدة سواء كان ذلك بالقوائم النسبية -وهو الاجراء الأمثل- أو بالترشيح الفردي أو بالدوائر المتعددة (بالصوت الحر).
وقال السعدون في بيان صحافي بثه من حسابه على التويتر: على الرغم انه سبق لي ان علقت أكثر من مرة وبشيء من التفصيل من خلال هذه الصفحة في تويتر على الطعن الذي قدمته الحكومة الى المحكمة الدستورية في شأن القانون رقم 42 لسنة 2006 باعادة تحديد الدوائر الانتخابية، فانني أجد من المناسب كذلك التعليق على ما ورد في الطعن المذكور في الفقرة التالية:
«وكان هذا التفاوت بسبب التوزيع غير العادل للدوائر فاهتزت القيمة الانتخابية لصوت المواطن بين دائرة وأخرى، مما أخل بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وهو ما يمثل اخلالا جسيما للأحكام الدستورية، وتحديدا المواد 29، 8، 7 من الدستور»(انتهى).
شلل سياسي
واردف السعدون قائلا «لا شك ان هذه الصحوة المفاجئة للحكومة وهذا الاكتشاف المتأخر لما اسمته: اخلال بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين التي نص عليها الدستور وتحديدا في المواد 29، 8، 7 منه أمر اذا كان الغرض منه الالتزام بما نصت عليه هذه الأحكام من عدالة تامة ومساواة مطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين على الرغم من ان الحكومة سبق ان رفضت جميع الاقتراحات بقوانين التي قدمت من الأعضاء وكانت غايتها تحقيق هذه الأهداف، فانه كان ولايزال متاحاً لها بل واجباً عليها السعي لتحقيقه من خلال مجلس الأمة صاحب السلطة الأصيلة في التشريع (باستثناء مجلس 2009 الذي أسقطه الشعب الكويتي) وليس باقحام السلطة القضائية في مسألة تشريعية بحتة وهو ما يتعارض مع أحكام المادة (50) من الدستور».
وزاد بالقول «أما اذا كان الغرض من كل ذلك وما تسبب فيه سلوك الحكومة من شلل سياسي ودستوري بل وشلل تام أصاب جميع المناحي وأوصل البلد الى هذا الوضع، لم يقصد منه في الحقيقة الالتزام بأحكام الدستور وانما هو من أجل ايجاد غطاء لها من خلال حكم قضائي تسعى اليه الحكومة ليوفر لها ما تعتقد أنه المبرر الدستوري للتفرد بالقرار واغتصاب سلطة التشريع التي قررها الدستور لمجلس الأمة ومن ثم اعداد الدوائر الانتخابية واصدار مرسوم بقانون يشترك في وضعه وتفصيله على المقاس المطلوب كل من الحكومة والقوى والأطراف التي ناصرتها وأيدتها وشجعتها وتحالفت معها للتحكم في مخرجات الانتخابات، لافتا ان هذا ما تدعو اليه كذلك وتسعى الى تحقيقه تحالفات قوى الفساد والافساد والأطراف المعادية للنظام الدستوري – واكد على ان الحكومة تكون بذلك قد أهدرت كل ما احتجت به من ادعاء الحرص على الالتزام بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين التي نص عليها الدستور وأدخلت البلد في نفق لا أحد يعلم نهايته لأنه وبكل بساطة لا يمكن لمن يسعى لإيجاد المبرر لاغتصاب سلطة مجلس الأمة ان يدعي أنه يسعى في الوقت ذاته لتحقيق تلك المبادئ السامية التي نص عليها الدستور وذلك لتعارض المسلَكَينْ».
تسريبات الحكومة لجس النبض
وقال السعدون الآن وبعيدا عن كل ذلك وتعليقا على ما تقول الحكومة انها تدعو اليه من تحقيق للعدالة التامة والمساواة المطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين من خلال القيمة الانتخابية لصوت المواطن فان ما يمكن تأكيده ان ذلك لا يمكن ان يتحقق من خلال أي من الاقتراحات التي سربتها الحكومة ربما لجس النبض أو طرحتها بعض الأطراف حتى تلك التي خفض فيها التفاوت في أعداد الأصوات بين الدوائر الانتخابية الى أدنى حد أمكن لهذه الأطراف التوصل اليه بل لا يمكن ان تتحقق العدالة التامة والمساواة المطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين من خلال القيمة الانتخابية لصوت المواطن كما تطرح الحكومة حتى لو أمكن التوصل الى تَسَاوي أعداد الناخبين في جميع الدوائر كأن يكون في كل دائرة انتخابية في حالة الدوائر الخمس مثلاً (84000) ناخب من اجمالي الناخبين اذا كان عددهم (420000) ناخب، بل حتى لو تحقق ذلك دون تفرد الحكومة بالسلطة واغتصابها وانما تم كل ذلك بالاجراءات الدستورية من خلال مجلس الأمة، ذلك أنه وان كانت العدالة النسبية وهي في هذه الحالة تَسَاوي أعداد الناخبين في جميع الدوائر، قد تحققت، فان القيمة الانتخابية لصوت المواطن كما تقول الحكومة انها تسعى اليها، لن تتحقق بشكل مطلق ما دام يعلن فوز أول عشرة مرشحين حققوا أعلى الأصوات في أي دائرة في حالة الدوائر الخمس مثلاً وهناك من جاء ترتيبه بعد الفائز العاشر في دائرة ثانية ولكنه من حيث عدد الأصوات التي حصل عليها أعلى من مرشحين أعلن فوزهم في دوائر أخرى مما تصبح معه القيمة الانتخابية لصوت المواطن في هذه الحالة في هذه الدائرة أدنى من الدوائر الأخرى ومثال ذلك:
(1) لو حصل الفائز العاشر في الدائرة (أ) على عدد من الأصوات ولنقل مثلاً (8000) صوت.
(2) وحصل مرشح في الدائرة (ب) جاء ترتيبه بعد الفائز العاشر على عدد من الأصوات ولنقل مثلاً (9000) صوت وبالتالي لا يعتبر فائزا
القيمة الانتخابية لصوت المواطن
وقال السعدون على الرغم من تَسَاوي أعداد الناخبين في جميع الدوائر الا أن القيمة الانتخابية لصوت المواطن ليست متساوية. وعليه فان العدالة التامة والمساواة المطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين كما تقول الحكومة انها تدعو اليها لا يمكن تحقيقها الا بالدائرة الانتخابية الواحدة سواء كان ذلك بالقوائم النسبية -وهو الاجراء الأمثل- أو بالترشيح الفردي أو بالدوائر المتعددة (بالصوت الحر) وايضاً سواء كان ذلك بالقوائم النسبية أو بالترشيح الفردي، ذلك ان العدالة التامة والمساواة المطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين متحققة لكل من الناخب والمرشح على حد سواء، فحرية الناخب مطلقة في التصويت للقائمة التي يختارها أو للمرشحين الذين يختارهم في حالة الترشيح الفردي على مستوى الدولة، والعدالة والمساواة في عدد الأصوات التي يحتاجها كل مرشح سواء كان ذلك ايضاً بالقوائم النسبية أو بالترشيح الفردي دون تفضيل مرشح للفوز على آخر وتكافؤ الفرص محققة كذلك بصورة مطلقة، اذ ان الفوز لا يمكن ان يتحقق لأي مرشح اذا كان احد غيره من بين المرشحين قد حصل على عدد من الأصوات أكثر منه ولو بصوت واحد على مستوى الدولة ولم يعلن فوزه. وغني عن البيان التأكيد على ان مشروعية ذلك انما تتحقق من خلال مجلس الأمة صاحب الحق الأصيل الذي أوكل اليه الدستور سلطة التشريع.
المصدر”الوطن”
قم بكتابة اول تعليق