ناجي الزيد: إلاَّ القضاء

مع الأسف.. والأسف الشديد، أن تصل الأمور إلى هذا المستوى من الإسفاف باسم الدستور وباسم الديموقراطية!

ينادون بحفظ وحماية دستور يوفّر مطلق الاستقلالية للقضاء، وإبعاد السلطة القضائية عن الضغوط السياسية وغيرها، ومع ذلك تصر الأغلبية التي «غشّتنا» بإلاَّ الدستور، واستخدامه للضغط على الحكومة والشعب، تصر على تنظيم جماهيري في ساحة الإرادة، عشية صدور حكم المحكمة الدستورية في قضية الدوائر، ليس ذلك فقط، بل ستكون هناك مسيرة تحت اسم «جماهيرية شعبية» إلى قصر العدل والاعتصام والتظاهر هناك.. لماذا؟ لا نعلم!

ألا يشكل ذلك ضغطاً وتدخلاً سافراً وانتهاكاً لاستقلالية القضاء؟! أوليس ما يفعلونه تناقضاً وانتقاصاً لمصداقيتهم التي تنادي بحماية الدستور؟! أليس حرياً بمن يقول «إلاَّ الدستور» أن يقول، أيضاً، «إلاَّ القضاء»؟! وهل هناك أقوى من القضاء لحماية الدستور؟!

مللنا وطفح الكيل، وتحملنا كثيراً من الهرج والمرج، اللذين يمارسونهما، سعياً نحو كرسي زائل ومنصب أعرج وأموال ليست من حقهم وواسطات أودت بالبلد إلى الشلل والتراجع في كل مجال تحت زيف ورياء الادعاء بأنهم حماة الدستور والديموقراطية، خسَّرت الكويت الكثير.. كيف يكون الدستور محمياً ممن يسعى الى الضغط على المحكمة الدستورية؟ أوليس ذلك تدخلا سافرا في استقلالية القضاء؟! هل حقاً هم يرون الشعب الكويتي غبياً وجاهلاً إلى هذه الدرجة؟! من يؤمن بالدستور والديموقراطية الحقيقية لا يلجأ إلى مثل هذه الأساليب، وعليه أن يحترم الأحكام القضائية، إيماناً باستقلاليته، وها هم يصرون على المكابرة، وها هم يحاولون ويجادلون وينظمون احتجاجات على حكم لم يصدر بعد ولا يعلمون فحواه. وهذا يدل على عدم ثقتهم بالقضاء، أياً كان الحكم، وهل علينا كمواطنين أن نبارك هدر حقوقنا «عينك عينك» باسم ديموقراطية زائفة يتزعمها نرجسيون وأشخاص مصابون بداء العظمة، ووصلوا إلى ما وصلوا إليه على أكتاف شباب أمناء وصادقين مع أنفسهم. هؤلاء الشباب ما زالوا تحت وهْم الشعارات البراقة، برغم الخدع التي مارسها هؤلاء ضدهم؟!

اتقوا الله في بلدكم، وحافظوا على نزاهة القضاء، فلم يبق لنا من يحمينا من طغيان تلك الأحداث وغيرها إلا القضاء، فاتركوا لنا قليلاً من الإيجابية تجاه ما يحدث على المستويين الحكومي والبرلماني.

د. ناجي سعود الزيد
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.