عبداللطيف الدعيج: كانوا وسيبقون نواب خدمات

فضيحة الفساد المتعلقة بالقبول غير القانوني لابناء وجماعات بعض نواب كتلة الاغلبية في الدورة العسكرية لوزارة الداخلية ليس من المفروض ان تكون مفاجأة او حتى خبرا يستحق النشر. فالبلد كله قائم على الواسطة وعلى الاستثناء. ونواب الفرعيات او الذين شقوا طريقهم الى المجلس على اكتاف القبيلة او ظهر الطائفة مجبورون بطريقة او باخرى على رد فضل ابناء القبيلة والطائفة بتحقيق الامتيازات او الاعفاءات او اسقاط الغرامات، او اي من وسائل الابتزاز التي تتداولها السلطتان، التشريعية والتنفيذية.

ليست حكرا على نواب الاغلبية ولا سبقا لهم، فنواب الخدمات وجدوا بشكل معروف ومدعوم من الحكومة ومقبول من الناس منذ مجلس 1971 وحتى الان. واليوم وبعد ان اكتظت اجهزة الدولة بالبطالة المقنعة، وبعد ان اصبح العاطلون عن العمل حقيقة في الكويت، فان التنافس على الوظائف الحكومية اصبح ضرورة وقضية ملحة وليس ترفا او «برستيجا» كما كان في السابق.

انا منذ زمن، ومنذ ان اخذ البعض يحذر من الرشوة الانتخابية، ومن استفحال ما يسمى بالمال السياسي، منذ ذلك الوقت حذرت من ان الاكثر خطورة هو استغلال خدمات ومراكز واجهزة الدولة لشراء الاتباع وتنفيع الناخبين. ان من يدفع «رشوة» يدفع من ماله. اما من يحقق خدمة استثنائية حكومية فهو «يسرق» من مال الدولة، ومن ينجز واسطة او خدمة استثنائية فهو يغتصب حق ودور مواطن مستحق. وهذا اخطر كثيرا واشد ايلاما وتأثيرا من «الرشوة» التي اشتط البعض كثيرا لمحاربتها. هذه المحاربة التي تطلبت توسيع الدوائر على امل القضاء على الرشوة.

انا اعتقد جازما ان محاربة «الرشوة» الانتخابية تمت بهدف تعزيز نواب الخدمات وفسح مجال اكبر لهم في المنافسة، ولا يعتقد احد ان استمرار توسعة الدوائر سيقضي على الرشوة او الخدمات بالذات. فالخدمة هدفها الاساسي تحقيق «الصيت»، اي السمعة الحسنة. والسمعة الحسنة او «الصيت» هو ما ينتخب بناء عليه المواطن الكويتي. لان، وببساطة ليس لدى اي من احزابنا ــ هذا اذا عندنا احزاب ــ او كتلنا برامج او خطط سياسية جاهزة ومقنعة. لهذا فانه حتى لو تم تحويل الكويت الى دائرة واحدة فان الطريق الى صوت الناخب سيكون عبر «خدمته». بدائرة واحدة او بخمسين، ستبقى الخدمات هي ما يحتاج المواطن الكويتي إليه. واذا اخذنا بالاعتبار ان الامكانات ستقل وان التنافس على خدمات ومزايا الدولة سيزداد، فلنا ان نتصور كم سيكون الناخب بحاجة الى نائب يتوسط له او ينهي معاملته.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.