متى تتعلم الحكومة وتتعظ من الدروس التاريخية التي مرت بها؟
فهل من المعقول أن يدخل نائب على أي وزير أو وكيل أو مدير إدارة ويعين شخصاً وينقل شخصاً آخر، ويرقي اثنين ثلاثة على الدرب، وبعدما «يقفّ.ي» يسب الحكومة ويشتم الوزراء ويتهمهم بعدم العدالة وعدم المساواة، وربما يتوجه إلى ساحة الإرادة ليهتف: يسقط ناصر المحمد، ويسقط جابر المبارك.
هذا ما يحدث من أغلب نواب المعارضة بالذات، فكل شيء يبونه يمشي ويحصلون عليه، ومع هذا «ما انترست عينهم» يا ما لها الرمد… وكلما طاوعوهم ورضخوا لطلباتهم استهجنوا أكثر وطالبوا بأكثر.
مثلاً، نواب يجبرون الداخلية على قبول طلبة في أكاديمية سعد العبد الله، ويشتمون وزير الداخلية.
وبعدين الحكومة تأتي بكل برود لتوحي لنا بأن الخطأ خطأ الناخبين، فهم من أتوا بهؤلاء النواب، فاذا يفعل ناخب إذا لم يستطع أن يجد قبولاً لابنه وأعطاها إياه هبة نائب يصول ويجول في أروقة الوزارات والمؤسسات؟ ماذا يفعل ناخب لم يجد وظيفة لابنه وفي لمح البصر وجدها له نائب بعد 8 أشهر من الانتظار من دون واسطة هذا النائب؟ ماذا يفعل المريض الذي يحاول أن يجد له علاجاً في الخارج لسبب أو لآخر، غير أنه يلجأ إلى أحد النواب ليسعى له بالسفر ومعه مرافقون، فالمرض لا ينتظر ولا يستحمل المماطلة.
حكومة تعطي زخماً وأبهة لمن يقف ضدها ويشتمها و«تلبس» من يحاول أن يدعمها ويساندها، هكذا هي الحكومة شئنا أم أبينا، ولهذه الأسباب ينجح هؤلاء النواب المعارضون لها ليمارسوا ضغوطهم وصراخهم في ساحة «القرادة».. ارحل ناصر.. وارحل جابر.. تبون الصّ.ج، أي شخص يسمع بتجاوزات هؤلاء النواب ويرضخ لطلباتهم، سواء كان وزيراً أو في أي منصب قيادي، هو من يجب عليه أن يرحل، حتى لا نعيش الفوضى نفسها، ونضطر لمعايشة النفاق والمجاملة نفسهما لفترة أطول.
باختصار، على الحكومة الوقوف بحزم ضد واسطات النواب وتصرفاتهم التي تؤكد مدى احتقارهم للقوانين، وما وصل إليه مدى خطورتهم على مستقبل هذا البلد بكل مؤسساته، وعلى شباب هذا البلد الذي طحنه الإحباط، فلم يعد هناك مكتب أو إدارة أو مؤسسة لم يخترقوه، وأصبح لهم «في كل حلة صديج» يتستر عليهم وينفّذ أوامرهم، ولا عزاء للمواطن المسكين.
فليس من العدالة، يا حكومة، إلقاء اللوم على الناخب، لأنه يجد في نواب الخيبة الأمل الوحيد في قضاء احتياجاته واحتياجات أبنائه وعائلته، ولهذا السبب فقط يتم نجاح هؤلاء النواب، فالمواطن ينتخبهم، وهو يتحسر على هذا البلد ويقول:
أحبك يا نافعي لو كنت عدوي…
د. ناجي سعود الزيد
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق