ناصر العبدلي: السعدون والخرافي

يصر البعض على تحميل رئيس مجلس الأمة النائب الفاضل أحمد السعدون مسؤولية الأزمة السياسية التي تتسيد الساحة السياسية حاليا، وفي هذا إجحاف كبير ومحاولة لطمس الحقائق، فالقضية ليست قضية فرد بل قضية نهج كاد يمزق البلاد لولا تصدي أهل الكويت جميعا لهذا النهج، من خلال صناديق الاقتراع ومن خلال التواجد في ساحة الإرادة حتى تمكنوا من التخلص منه.
الرئيس السعدون كان رئيسا لمجلس الأمة بكل مكوناته وتفاصيله، ولم يكن يوما طائفيا أو قبليا رغم أنه ينتمي إلى قبيلة من أعرق القبائل، ولم يكن مناطقيا كما فعل غيره في حين كان رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي- كما يتردد عنه- يمتطي صهوة المناطقية والطائفية ما أوجد نهجا لم تألفه البلاد من قبل علت فيه المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.
الرئيس السعدون ظل طوال عضويته إضافة دستورية وقانونية للحياة البرلمانية منذ نجاحه في أول مجلس أمة، ولم يكن له مثيل بين أعضاء مجلس الأمة فقد كان صبورا جلدا قادرا على خلق المعادلات السياسية والبرلمانية التي من خلالها يمكن القيام بواجبات النائب كما يجب، ولم يعرف يوما عنه أنه جرى خلف وزير من أجل مناقصة أو من أجل فائدة شخصية، ولم يعرف عنه كذلك تمرير المعاملات غير القانونية، كما يفعل بعض النواب.
لم تتبدل مواقف السعدون خلال السنوات الطوال التي قضاها في الخدمة العامة، بل ظل ثابتا كما هو، في حين تبدلت مواقف الآخرين حتى أبناء وأحفاد أولئك الذين خطوا نصوص الدستور من أجل الشعب الكويتي كافة وليس من أجل منطقة أو عرق أو طائفة أو قبيلة، لم ينجوا من تلك اللوثة في العقل التي مرت بها البلاد فأصبح الكل يشتم الكل في مشهد كارثي قل أن تراه في المجتمعات الديمقراطية.
الخرافي لا يمثل إلا منطقة في نظر الكويتيين، وإلا لما نزل 90 ألفا منهم وصدحوا بصوت واحد في ساحة الإرادة ارحل ارحل يا جاسم ، ورئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد لم يطالب أحد برحيله إلا عندما أدار ظهره للمواطنين البسطاء واختار نهج المناطقية والاستحواذ وتحالف مع رموزه، وهو أمر طارئ على الساحة لم تشهده البلاد من قبل، فكل رؤساء الوزراء بلا استثناء كانوا قريبين من نبض الشارع، وآخرهم سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد.
السعدون اجتهد في خدمة بلاده وقد نجح في مواقع وأخفق في أخرى، كما غيره من البشر، ولكل مجتهد نصيب، ولذلك أصر الشعب الكويتي على وجوده في مجلس الأمة تطوعا وليس مقابل ثمن لأصواتهم، وغيره كانوا أقل منه، رغم ادعائهم تحميله زورا وبهتانا مسؤولية ما جنته يد الآخرين في قمة الإجحاف ولا يمكن أن تصدر عن شخص يحترم الحقيقة.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.