يقال إنه في أحد اللقاءات غير الرسمية بين سفير بريطاني ومجموعة من الكويتيين، وكان الحديث يدور حول مختلف الأمور، إلى أن وصل الى وضع الكويت بشكل عام، وهنا تنافس الكويتيون في الهجوم على الأوضاع على جميع المستويات وفي جميع الميادين، فهي في الحضيض والفساد مستشرٍ على كل المستويات، وقد صوّروا الوضع وكأنه لا يوجد في الكويت شيء جيد. هنا تدخّل السفير قائلا لهم: إنني لم أر شعبا من الشعوب يجلد ذاته ويقسو على نفسه مثل الكويتيين، وأرى أنكم تبالغون في ذلك كل المبالغة، فالكويت على جميع المستويات أفضل بكثيرأ بل وتأتي في مقدمة الدول، فدخل الفرد من أعلى الدخول، والخدمات الصحية والتعليمية جيدة، وتجهيزات المستشفيات والمدارس تبهر الزائرين من دول عديدة. وقد كتب طبيب في وزارة الصحة كان مدعواً ضمن برنامج الأطباء الزائرين «بأنه دهش من مستويات التقدم الطبية، ومن تجهيزات المستشفيات، فالصورة التي نقلها له المرضى الكويتيون الذين رآهم في لندن غير ذلك»، وهذا ينطبق على مجالات أخرى.
ما الذي يجعل المواطنين يتذمرون وغير راضين عما تقدمه الحكومة؟ أعتقد أن المسألة تحتاج الى دراسة عميقة، انا شخصيا اعتقد ان المسألة مسألة ادارة، وان الموظفين الذين يؤدون خدمات الدولة ليسوا مؤهلين لذلك، ويحتاجون الى التدريب ليتمكنوا من فهم العمل الذي يقومون به والقوانين واللوائح التي تحكمه، فليس من المعقول أن الخدمات التي تقدم للمواطنين والمقيمين تضيع نتيجة إهمال موظفين لا يؤدون واجباتهم على الوجه المطلوب. ماذا تعني الفوضى في أماكن الخدمات مثل: حوادث المستشفيات وإدارات المرور والفحص الطبي والعديد من الأماكن الأخرى؟! من غير المعقول أن تصدر أحكام وبغرامات ومنع سفر لأشخاص محترمين نتيجة مخالفة بسيطة لعدم استيفاء الشروط التي وضعتها البلدية أو الصحة! من غير المعقول أن تكتظ وزارة العدل بمواطنين يطلبون توثيق وكالات وأشياء أخرى بسيطة مثل عقد الزواج، بينما من الممكن أن تقوم مكاتب المحامين بذلك.. إلخ.
المسألة ليست صعبة الحل، ولكن تحتاج، كما قلت، إلى دراسة، ما المشكلة إلا إدارية وإدارية فقط.
هناك عامل آخر ينتج عنه استمرار سوء الخدمات، وهو العلاقة بين النواب والوزراء، فالنائب همّه توظيف أكبر عدد من المواطنين وأن يحصل على امتياز من الوزير (ترقية أو غيرها).. إلخ.
المسألة تحتاج إلى دراسة عميقة تحدد الأسباب التي تؤدي الى مثل هذا التقصير الذي يجعل الإنجازات غير مرئية، فهذا كله أفضل من جَلد الذات، حيث إن ذلك يؤدي الى اليأس والقنوط بدلا من التفاؤل والطموح. فالكويت أعطتنا الكثير، فلنرد لها جزءاً مما أعطتنا إياه.
أنور عبدالله النوري
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق