محافظ البنك المركزي: الوضع صعب ولا نعلم ماذا ينتظرنا مستقبلا وتخفيض تصنيف الكويت متوقع

محافظ بنك الكويت المركزي

أكد محافظ بنك الكویت المركزي الدكتور محمد الھاشل اتباع الكویت سیاسات نقدیة تحوطیة حصیفة منذ عقد من الزمن تجني اليوم ثمارها في مواجهة الأزمة غیر المسبوقة التي يشهدها العالم بانتشار فیروس كورونا.

وبين الھاشل في لقاء مع قناة العربیة الیوم أن ھذه الأزمة ذات طابع إنساني، إذ لا یزال الوباء یحصد الأرواح إضافة إلى الأضرار الجسیمة التي ألحقتھا بالاقتصادات فھي صدمة غیر اعتیادیة على جانبي العرض والطلب مما یفرض مواجھة تداعیاتھا الاقتصادیة باستخدام مختلف أدوات السیاسات الاقتصادیة، وعلى مستوى المنطقة تكمن صعوبة ھذه الأزمة في أننا نحارب على جبھتین، فمن جانب لدینا تفشي الفیروس الذي یفرض على العالم اختیارا مریرا بین إنقاذ حیاة البشر وإنقاذ معیشتھم، ومن جانب آخر لدینا انخفاض حاد في أسعار النفط بلغ 65 في المئة منذ نھایة 2019، كلا التحدیین بحد ذاته صدمة كبیرة ، فكیف إذا تزامنا في ذات الوقت، فما یزید الوضع صعوبة افتقارنا إلى الحقائق التي نحتاجھا لتقدیر الموقف على نحو معقول، فحتى الآن لا نملك معلومات دقیقة عن مدى الوباء ولا عن أعداد حاملي المرض ولا یمكن التكھن بعمق الأثر على أوضاع الاقتصاد الكلي ولا توجد تقدیرات دقیقة لجدوى السیاسات التي تطبقھا الدول لمواجھة التداعیات الاقتصادیة.

وأضاف الهاشل بأنه في ظل كل ھذه الظروف من الصعوبة بمكان تقدیر الموقف على وجه الدقة ولا یمكن الجزم بشأن ما ینتظرنا في المستقبل، فبنك الكويت المركزي یقف بصرامة وراء سیاسة سعر صرف الدینار التي أثبتت كفاءتھا وملاءمتھا لأوضاع الاقتصاد الكویتي وھو ما یشھد به صندوق النقد الدولي وغیره من المؤسسات الدولیة.

وعن تخفیض وكالة ستاندرد آند بورز تصنیف الكویت السیادي إلى AA- أوضح محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل بأن ھذا أمر متوقع في مثل الظروف لكن على الرغم من خفض التصنیف الائتماني السیادي لدولة الكویت بدرجة واحدة فإنه ما یزال مرتفع نسبیا، وخفض التصنیف الائتماني جاء بشكل أساسي بسبب تباطؤ جھود الإصلاح وتخفیض الوكالة لتوقعاتھا لأسعار النفط العالمیة بعد فشل الاجتماع حول اتفاقیة أوبك بلس الذي يشمل منظمة الدول المصدرة للبترول ودول من خارجھا بشأن تخفیض الإنتاج، وعدم صدور قانون الاقتراض العام، ولذلك لدینا تطلعات للعودة بھذا التصنیف إلى ما كان علیه بعد استقرار الأوضاع الحالیة.

وقال الهاشل أن بنك الكویت المركزي بادر منذ بدایة الأزمة المالیة العالمیة في عام 2008 بالأخذ بمنھجیة السیاسات الاحترازیة لتحصین القطاع المصرفي وتوجیه البنوك لتعزیز قواعدھا الرأسمالیة وبناء المخصصات الاحترازیة إضافة إلى المصدات المالیة التحوطیة وفقا لمعاییر بازل 3 التي طبقناھا كاملة عامي 2014 و2015 لتكون الكویت في طلیعة الدول التي تطبق ھذه المعاییر، وكنا نحتاط خلال أوقات الرخاء ونعمل دون الركون إلى الدعة، وبفضل ھذه السیاسات التحوطیة الحصیفة للمركزي یتمتع القطاع المصرفي الیوم بأوضاع مالیة قویة تعكسھا مؤشرات السلامة المالیة للبنوك الكویتیة على صعید معیار كفایة رأس المال ومعیار الرفع المالي ومعاییر السیولة وھي بمعدلات تفوق المعاییر الدولیة، وھو ما نستفید منه الیوم في مواجھة الأزمة الحالیة، إذ نجني الیوم ثمار تلك السیاسات الحصیفة التي تبناھا المركزي منذ أكثر من عقد من الزمن، إذ أصبح القطاع المصرفي شریكا في صناعة الحلول لھذه الازمة بعد ان كان جزءا منھا في عام 2008.

وبين الهاشل أبرز أوجه السیاسات النقدیة والسیاسات الرقابیة التي اتخذھا بنك الكویت المركزي لدعم الاقتصاد والقطاع المصرفي عبر تطبیق سیاسات نقدیة تیسیریة وتخفیض سعر الخصم لیصل إلى 1.5 بالمئة وھو المستوى الأدنى تاریخیا، إضافة إلى تخفیض سعر فائدة إعادة الشراء وأسعار أدوات التدخل في السوق النقدي، وھي سلسة إجراءات متكاملة تھدف إلى تخفیض كلفة الاقتراض لجمیع قطاعات الاقتصاد الوطني وتعزیز انسیاب التدفقات النقدیة بین ھذه القطاعات والقطاع المصرفي وبما یحافظ على استقرار ھیكل أسعار الفائدة والمحافظة على جاذبیة الدینار.

وأضاف الهاشل تم اتخاذ إجراءات على صعید استخدام أدوات سیاسة التحوط الكلي من خلال إدخال تعدیلات على التعلیمات الرقابیة الموجھة إلى القطاع المصرفي تستھدف تخفیف ضغوطات السیولة وتوسیع المساحة الإقراضیة للبنوك وتدعیم قدراتھا التمویلیة وتحفیزھا على مواصلة تقدیم القروض والتمویل للقطاعات الاقتصادیة المنتجة والعملاء المتضررین من ھذه الأزمة أفرادا ومؤسسات، والذین ھم في ھذه المرحلة بحاجة إلى سیولة تمكنھم من مواصلة نشاطھم دون توقف، كما أن التعلیمات التي أصدرھا المركزي للبنوك شملت تخفیض معاییر السیولة المطبقة على البنوك كمعیار تغطیة السیولة ومعیار صافي التمویل المستقر ونسبة السیولة الرقابیة إلى جانب زیادة الحدود القصوى للفجوات التراكمیة في نظام السیولة ورفع الحد الأقصى المتاح لمنح التمویل.

وأشار محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل إلى توفیر مزید من الدعم لقطاع المشاریع الصغیرة والمتوسطة حيث خفضت التعلیمات أوزان مخاطر الائتمان لمحفظة هذه المشاریع من 75 إلى 25 بالمئة بھدف تحفیز القطاع المصرفي على تقدیم مزید من التمویل لھذا القطاع الحیوي والمھم إضافة إلى إفراج البنوك عن المصدة الرأسمالیة التحوطیة ضمن قاعدة رأس المال.

وحول القروض الموجھة لشراء أو تطویر عقارات السكن الخاص والنموذجي بين أن التعدیل شمل زیادة حجم التمویل الممنوح إلى قیمة العقار أو تكلفة التطویر مؤكدا أن تطبیق ھذه الأدوات سیضع أمام البنوك مساحة إقراضیة واسعة وكافیة لمواجھة متطلبات الإقراض والتمویل في ھذه المرحلة، وأن بنك الكويت المركزي دائما بأعلى درجة من الجاھزیة للتدخل من خلال مختلف أدوات السیاسة النقدیة والرقابیة.

وذكر أن معدلات السیولة في الجھاز المصرفي كافة لمواجھة تحدیات ھذه المرحلة خصوصا في ظل تراجع أسعار النفط وانخفاض إیرادات الدولة بشكل كبیر كون القطاع المصرفي یتمتع بوفرة من السیولة تتخطى متطلبات النسب الرقابیة كذلك فإن الإنفاق العام یغذي بشكل مستمر مستویات السیولة في القطاع المصرفي بغض النظر عن التراجع في الإیرادات العامة للدولة في ضوء انخفاض أسعار النفط.

وأوضح الهاشل أن بنك الكویت المركزي خفض متطلبات السیولة في القطاع المصرفي كي تأخذ البنوك مساحة إضافیة تتحرك فیھا بارتیاح، والبنك المركزي بنك البنوك ومن مھامه أن يكون مقرض أخیر، وھو قادر على ضخ السیولة في القطاع المصرفي عند الضرورة ولدیه الأدوات والمقومات التي تمكنه من أداء ھذا الدور بكفاءة عالیة إن تطلب الأمر.

وبين تضرر بعض القطاعات الاقتصادیة دون غیرھا في ھذه الأزمة خصوصا المشاریع الصغیرة والمتوسطة، وهو ما دفع بالسیاسات النقدیة والرقابیة التي طبقھا المركزي بأن تنطوي على دعم مباشر وغیر مباشر لقطاع المشاریع الصغیرة والمتوسطة كأحد قطاعات الاقتصاد الوطني عبر تخفیض كلفة الإقراض لتلك المؤسسات، حيث یجب النظر في القطاعات المتضررة لمنع تحول مشكلتھا من مشكلة سیولة إلى مشكلة ملاءة والحرص على دعم القطاعات المنتجة ذات القیمة المضافة والتي تساھم في توظیف العمالة الوطنیة وتنویع النشاط الاقتصادي.

وأختتم الهاشل اللقاء بالتأكيد على أن مجلس الوزراء الكویتي شكل لجنة لتطبیق حزمة إجراءات داعمة للاقتصاد الوطني تتضمن تدابیر خاصة لمساعدة قطاع المشاریع الصغیرة والمتوسطة عن طریق تأجیل الأقساط الممولة من الصندوق الوطني لرعایة وتنمیة المشروعات الصغیرة والمتوسطة وتدابیر أخرى تتثمل في تقدیم قروض وشروط میسرة وطویلة الأجل للمشاریع الصغیرة والمتوسطة، كما یقوم بنك الكويت المركزي بتنفیذ ھذه التدابیر من خلال التنسیق مع البنوك المحلية قریبا.

وحول وقف توزيعات البنوك لهذا العام كما جرى مع بنوك أوروبیة وبریطانیة قال الھاشل إن “الوضع ھناك مغایر لما نحن علیه، ففي تلك الدول تتم التوزیعات فصلیا أما في الكویت فتتم التوزیعات سنویا، وھناك مدة إلى نھایة ھذا العام، وعندھا سنحرص على اتخاذ القرار المناسب في حینه، وعن إجراءات إضافیة لمعالجة الأزمة أشار إلى أن أسلحتنا لم تنفد ونحن حالیا نطبق حزمة من التدابیر ونتابع عن كثب نتائجھا وبالتأكید لن نتوانى في اتخاذ مزید من الإجراءات إن تطلب الأمر ذلك.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.