على الرغم من أن البيئة التشغيلية لمناخ الأعمال في الكويت تزداد صعوبة كل عام منذ بداية الأزمة المالية العالمية والتي اثرت على مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد خاصة قطاع البنوك إلا ان بنك الكويت الوطني واجه بكل قوة تداعيات هذه الأزمة التي ازدادت عمقا بسبب تقاعس الحكومة عن وضع آليات سريعة للحد من تداعياتها على الوضع الاقتصادي في البلاد.
فقد تمكن البنك الوطني من المحافظة على تحقيق معدلات نمو جيدة في كافة مؤشراته المالية في نتائجه لفترة التسعة اشهر من العام الحالي في الوقت الذي انتشرت فيه شائعات من اطراف مغرضة حول ضعف النتائج المالية للبنك والأرقام المالية التي اعلنها البنك الوطني لفترة التسعة اشهر تظهر مدى نجاح الاستراتيجية التوسعية التي اتبعتها الإدارة التنفيذية للبنك وتجني ثمارها وقت الأزمة،
فقد حقق البنك ارباحا لفترة التسعة اشهر تقدر بنحو 228.9 مليون دينار منها نحو 108.1 ملايين دينار في فترة الربع الثالث فقط، كما حققت الموجودات الإجمالية للبنك ارتفاعا بنسبة 24.5% في فترة التسعة اشهر لتصل الى 16.34 مليار دينار كما ارتفعت حقوق المساهمين لتصل الى 2.37 مليار دينار بارتفاع نسبته 5% كذلك ارتفعت الأرباح التشغيلية للبنك بنسبة 21% لتصل إلى 485 مليون دينار
وهذه الأرقام تؤكد ان الادارة التنفيذية العليا في البنك قادرة على ان تدفع بالمؤشرات المالية للبنك نحو النمو رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد وضعف الانفاق الحكومي الاستثماري، ومع ذلك فإن قافلة «الجمل» ستواصل تحمل مسؤولياتها في قيادة التنمية الاقتصادية في البلاد.
وإذا كان بنك الكويت الوطني قد بدأ قبل سنوات جني ثمار استراتيجيته التوسعية فإن واقع البيئة التشغيلية في الكويت وما تركت من نتائج على أداء القطاع المصرفي بشكل عام، أعاد تسليط الضوء على مدى صوابية خيارات «الوطني» في تعزيز تواجده في اسواق خارجية مهمة،
هذه التطورات تأتي في مرحلة يستعد فيها «الوطني» لتعزيز تواجده الخارجي سواء من خلال افتتاح مزيد من الفروع او دراسة اي فرص مناسبة للاستحواذ متى توافرت الشروط.
في الوقت الذي وجدت فيه المصارف الكويتية نفسها امام تحدي ضعف البيئة التشغيلية المحلية وارتفاع منسوب العوامل الجيوسياسية، ما انعكس سلبا على أدائها سواء على مستوى تراجع الربحية، نمو في حجم المخصصات نتيجة انخفاض جودة الأصول استطاع بنك الكويت الوطني الحد من هذا الواقع عبر الاستفادة من نتائج أعماله في الأسواق الخارجية، ضمن خطة استراتيجية واضحة لتنويع ايراداته وخلق التوازن فيما بينها وبين السوق المحلية.
بالمقابل فإن مثل هذا الواقع لا يمكن أن يعني ان استراتيجية التوسع الخارجي للبنك لم تكن وليدة اللحظة، بل هي نهج اعتمده البنك في نهاية سبعينيات القرن الماضي ليكون في طليعة المصارف والمؤسسات الخليجية والعربية التي اعتمدت مثل هذا التوجه، وفي خطوة تهدف الى إضفاء مزيد من الطابع المؤسسي على خطواته التوسعية عمد في العام 2010 الى طرح خطة 2020 التي تنباها المجلس الاستشاري الدولي التابع للبنك،
ويستهدف من خلالها رفع نسبة ارباحه من الوحدات الخارجية الى 50% اما على ارض الواقع فبدا ان مثل هذه الاستراتيجية آخذة في طريقها الى التنفيذ تعكسها مؤشرات واضحة.
التوجهات المستقبلية
أما عن التوجهات المستقبلية للبنك، فيبدو ان «الوطني» مستمر في استراتيجيته المعهودة القائمة على تعزيز حضوره في الأسواق الخارجية المتواجد فيها حاليا، والتي يمكن القول انها ترتكز على محورين: الأول تعزيز حضوره في منطقة الخليج بما ينسجم مع توجه مؤسسات القطاع الخاص لتعزيز تواجدها في اسواق الدول الخليجية الست في اطار العلاقات الخليجية المشتركة، اذ يتطلع البنك لافتتاح فروع جديدة في كل من الإمارات بعد ان سبق له ان افتتح فرعا له في دبي في العام 2008، وكذلك فإنه يسعى للتواجد لأول مرة في سلطنة عمان، هذا الواقع ينطبق ايضا على السعودية اذ هناك توجه لتكثيف التواجد في المملكة بما يتناسب مع حجم هذه السوق، وان كانت فرصة استحواذا على مصرف قائم في المملكة تبقى قائمة متى ما توافرت الشروط الموضوعية لها بما ينسجم مع استراتيجيته كما تفيد مصادر متابعة من داخل البنك.
أما المحور الثاني فيتمثل في توجه «الوطني» الى رفع حصصه السوقية من الخدمات المصرفية الشاملة في الأسواق التي يتواجد فيها عبر مصارف تابعة او زميلة قائمة بحد ذاتها، كما هو الحال في قطر عبر بنك قطر الدولي ومصر عبر البنك الوطني المصري.
الأعلى تصنيفاً شرق أوسطياً
اللافت في تجربة بنك الكويت الوطني محافظته منذ سنوات طويلة على التصنيف الأعلى بين مصارف الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وذلك على الرغم من التحديات التي تواجه الصناعة المصرفية في السوق المحلية مقارنة بما تتمتع به مصارف خارجية بالعديد من الفرص ووسائل الدعم غير المباشرة وقبل اشهر قليلة اعادت وكالة Fitch التأكيد على تصنيفها الطويل الأجل لبنك الكويت الوطني عند درجة AA- مع نظرة مستقبلية مستقرة مؤكدة على موقعه المتقدم في السوق المحلية ومحافظته على جودة أصوله في وقت تواجه فيه البيئة التشغيلية العديد من الصعوبات.
من جهة أخرى، جاء «الوطني» في المرتبة 34 ضمن قائمة «جلوبال فاينانس» لأكثر 50 بنكا امانا في العالم للعام 2012، متقدما على مصارف عالمية كبرى كبنك بي ان بي باريبا BNPParibas، ستاندرد تشارترد Standerd C arter، يلز فارغو Wells Fargo، دويتشه بنك Deutshe Bank، كريديه سويس Credit Suisse، بنك باركليز Barclys، كريديه أجريكول Agricole Credit، وغيرها ويعكس هذا التصنيف القوة المالية للبنك والسمعة التي يحظى بها على الساحة الدولية، علما انه المصرف العربي الوحيد الذي يحتفظ بموقعه ضمن هذه القائمة للمرة السادسة على التوالي.
المصدر “الانباء”
قم بكتابة اول تعليق