تحتضن دولة الكويت قارة آسيا وتفتح صفحة جديدة في تاريخ أقدم وأعرق قارات العالم مع بدء تنفيذ مبادرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه بانطلاق مؤتمر القمة الاول لحوار التعاون الاسيوي اليوم بمشاركة 32 دولة.
ويجسد المؤتمر الرؤية السامية في الاتجاه شرقا والدور المحوري لدولة الكويت في تعزيز التعاون الآسيوي ورسم آفاق مستقبله في موازاة حرص الكويت على أن تكون قارة آسيا أحد المحاور الرئيسية في بناء وتطوير تطلعاتها للتحول الى مركز مالي وتجاري اقليمي.
وانبثقت مبادرة صاحب السمو أمير البلاد لعقد هذه القمة خلال رعاية سموه لمنتدى حوار التعاون الاسيوي العاشر الذي استضافته دولة الكويت في شهر أكتوبر 2011 على مستوى وزراء الخارجية فيما كانت الانطلاقة الأولى للمنتدى في 23 يونيو عام 2001 في مملكة تايلاند بهدف ضم الدول الآسيوية ضمن اطار تعاوني يسعى الى بناء مجتمع آسيوي يخدم احتياجات القارة.
وعبرت دعوة سمو أمير البلاد في أكتوبر 2011 لهذه القمة عن الآمال والاهداف العريضة والمتمثلة في ما تعرض له بعض دول آسيا من كوارث طبيعية ومشكلات بيئية ومناخية تعيق نموها وتطورها الى جانب ويلات الحروب المدمرة وانتشار ظاهرة الارهاب.
ولعل أبرز ما تمثلت به التحديات التي تواجه القارة كذلك الأزمة الاقتصادية العالمية كون الاقتصاد عصب الحياة بالنسبة للدول وقد طالت آثار الأزمة الاقتصادية الاخيرة الاقتصادات الآسيوية ولا تزال تعصف بها ما يفرض على دول آسيا التعاون بغية النأي بالقارة عن هذه الازمة والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي عبر التعاون وتبادل المعلومات والخبرات والتنسيق بين دول القارة.
وتعد المبادرة بحد ذاتها نقلة نوعية على الصعيد الدولي في شتى المجالات وذلك بالنظر الى الامكانيات الهائلة والقدرات الضخمة التي تمتلكها هذه القارة بما تضمه أيضا من أكبر القوى الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية في العالم فضلا عن التنوع الثقافي والمزيج الحضاري الذي قل نظيره في بقية القارات ويمكن القول ان مجمل ذلك وبكل دوله لم يتم جمعه في قاعة واحدة حتى الآن باستثناء الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفيما جمعت القارات الأربع الاخرى طاقاتها ودولها في منظمات قارية وأطلقت العديد من المنظمات الاقليمية على مستوى القارة ككل مثل الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي أو اتحاد دول أمريكا الجنوبية وحتى منظمة الوحدة الامريكية الا أن أيا من المبادرات لم تطل كل أعضاء دول القارة للآسيوية رغم وجود العديد من المنظمات الاقليمية في هذه القارة والتي تشمل جزءا من دولها فقط حتى هذا اليوم مع بدء تطبيق مبادرة سمو أمير البلاد.
ويشكل مؤتمر القمة الأول لحوار التعاون الآسيوي ثمرة ونتيجة لسياسة الكويت باتجاه الشرق واتباع نهج الدبلوماسية الاقتصادية مجتمعتين ما تمثل في مجمله في الزيارات المتعددة التي قام بها سمو أمير البلاد الى دول آسيوية مختلفة تم خلالها توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية اضافة الى دخول في مشاريع عملاقة مع دول آسيوية كمشروع مصفاة الصين ومشروع مصفاة ومجمع للبتروكيماويات في فيتنام.
وشهدت السنوات الماضية العديد من الخطوات والاجراءات الجادة من دولة الكويت في سياستها (بالاتجاه شرقا) والتي نتجت عن مجموعة من الأسباب أهمها ان التوازن العالمي والصعود الاقتصادي في القرن الحالي بدأ بالاتجاه الى آسيا اضافة الى ظهور مؤسسات اقليمية جديدة وبروز خطوط نقل دولية في هذه القارة كالخط القاري العابر لآسيا وخط الممر القطبي البحري الشمالي والتي لها كلها تأثير مباشر على المصالح الكويتية.
ونتيجة لهذه العوامل مجتمعة نشطت دولة الكويت لبلورة سياسة آسيوية طيلة هذه الفترة الطويلة الماضية واحتاجت سنوات للارتقاء في هذا العمل للوصول بمبادرة من سمو أمير البلاد لعقد هذه القمة لتفتح المجال واسعا أمام التعاون في هذه القارة والقائم على المصالح المشتركة والتعاون المثمر من أجل العالم بأسره لاسيما أن تقرير صندوق النقد الدولي الأخير أشار مباشرة الى أن انتعاش الاقتصاد العالمي مرتبط بصورة رئيسية بالدول الناشئة والدول النفطية بصورة خاصة والموجودة جميعها في هذه القارة .
ومن المقرر أن يشهد المؤتمر في جلساته وأوراق العمل المقدمة واللقاءات مناقشة أهم التحديات التي تواجه القارة وطرح العديد من الافكار بجدية ومسؤولية من خلال التوصيات وعناوين المشاركة السياسية والحوار والتعاون والتكامل بين دول أكبر الوحدات الكونية على الاطلاق جغرافيا وديمغرافيا ذات التنوع الغني والخاص.
قم بكتابة اول تعليق