قدمت فرقة «كلاسيكال» المسرحية عرضاً لصور من الحياة اليومية التي تناقش مشاكل الإنسان وصراعاته فى كل أوجه الحياة، فتناول مشاكل الإنسان من بداية حياته الأسرية إلى مشاكل المجتمع.
وجاء العرض على هيئة لوحات متقطعة في عرضها، متصلة في جوهرها، تصور لنا معاناة الإنسان على مدار عمره وأوجه حياته المختلفة، فنرى مشاكل الطلبة في الدراسة ومشاكل الشباب في الزواج، ومشاكل الأب والأسرة في مواجهة أعباء الحياة.
ثم تنتقل اللوحات من داخل نطاق الأسرة إلى الحياة العملية الخارجية مصورة مشاكل التعامل مع المؤسسات مثل البحث عن عمل أو إنهاء المعاملات الرسمية أو ما إلى ذلك من أوجه التعامل في الحياة العملية. وينتهي عرض صور المعاناة هذه بلوحة النهاية التي تدعو كل أطياف المجتمع إلى حل مشاكلهم معا عن طريق وحدة الصف ووحدة الكلمة.
وتعرض لنا هذه المسرحية قضية مهمة في جوهرها حتى وإن جاءت في قالب كوميدي وهي أن الإنسان دائما ما يبحث عن سبب خارجه يلقي عليه اللوم في مشاكله وبالتالي هو ليس بالمسؤول عن المشكلة وليس مسؤولاً عن حلها.
وقد عرضت المؤلفة هذه الفكرة في صورة شخصية المؤلف التي ترسم الشخصيات، وترسم حياتها والمشاكل التي تواجهها، وكيف أن هذا المؤلف يمكنه أن يعبث بمصائر الناس وحياتهم لمجرد أهواء شخصية أو مزاجية. وهي بذلك تلقي الضوء على فكرة أن اختياراتنا في حياتنا هي التي تسبب المشاكل وليست المشاكل هي التي تفرض علينا، فحتى هذا المؤلف هو فرد في هذا المجتمع اختار أن يثير المشاكل أو أن يحلها.
وهي بذلك تضع دعوة قوية ومدوية بين الأسطر إلى الابتعاد عن خلق المشكلات والعمل معا على حلها في سبيل رفعة هذا الوطن.
وقد قدمت لنا مخرجة العمل فاطمة الجدي في أول أعمالها المسرحية عرضاً كوميدياً من تأليف بدور يوسف اعتمدت فيه اعتماداً كلياً على الممثل، فتقلص دور الديكور المسرحي إلى ادنى درجة وكذلك الإضاءة المسرحية التي كانت في معظم الأحيان إنارة كاملة لخشبة المسرح. فجاء المنظر المسرحي في مجمله بسيط التكوين،
إلا أن مصمم الأزياء انتقى تصميمات وألوان غريبة عن البيئة المحلية ما باعد في الأثر البصري بين ما يحدث على خشبة المسرح وما يحدث في الحياة اليومية.
ومع ذلك فقد قامت المخرجة باستخدام تيمات موسيقية وأغانى من البيئة المحلية ما عادل هذا التأثير وأعادنا إلى حالة الحياة اليومية في صورها المختلفة من عرس واحتفالات وطنية.
وفي هذا الإطار استخدمت المخرجة في الكثير من مواضع العرض المسرحي المجاميع وأجادت إلى حد بعيد في تحريك هذه المجاميع في صورة جمالية، مستفيدة من ذلك بمستويات خشبة المسرح، وقام مهندس الديكور بتقسيم المسرح إلى مستويين أساسيين استخدمتهما المخرجة في الدلالة على الفصل المكاني في بعض الأحيان والتأكيد على عمق الحدث في أحيان أخرى. فكان الأداء التمثيلي بسيطاً ومباشراً في معظم الأحيان،
لكن عابه ضعف صوت بعض الممثلين وغياب صوت المغنيين حتى أنه كان من العسير على الحضور تمييز كلمات الأغاني في معظم حالات الغناء الفردي.
وفي النهاية، فإن المسرح هو مرآة للمجتمع وما رأيناه على خشبة المسرح ما هو إلا صورة مصغرة لما يمر به الإنسان في كل زمان ومكان.
المصدر “الوطن”
قم بكتابة اول تعليق