طوال الأيام الماضية انتظر الكويتيون النطق السامي الذي يسكن هواجسهم ويشيح عن الوجوه كآبة المنظر التي أرادتها مجموعة من المارقين على الوحدة الوطنية والخارجين عن الثوابت التي تكرست طوال القرون الثلاثة الماضية ومنها استمدت الكويت قوة العزيمة في مواجهة كل المحن.
وإذا كان العديد من المواطنين قالوا, في السر والعلن, إن كلمة سمو الامير المخمدة نيران الهواجس تلك في نفوسهم قد تأخرت إلا أن حكمته المعهودة كانت هي الصواب في اختيار الوقت المناسب لمخاطبة شعبه, هذا الشعب الذي يعرف من يريد الخير للبلاد ومن يعمل له ليلا ونهارا, ومن يريد الشر والاثارة وافتعال الازمات العبثية تلبية لأجندات شخصانية مبنية على قصر نظر وأنانية وانتهازية مطلقة, لذا كان هذا الالتفاف الكبير وغير المسبوق حول القيادة السياسية معبراً عن حقيقة معدن الشعب الكويتي وارتباطه الوثيق بقيادته الرشيدة, ورفضه لكل اشكال التطاول التي مارستها الفئة الضالة طوال الفترة الماضية, لأنه شعب يدرك ماذا يعني عدم الامتثال لتوجيهات الربان في قيادة سفينة الوطن, ولاسيما في الظروف الحساسة التي تعيشها المنطقة, ويحاول بعض ضعاف النفوس استغلالها للتلويح باستيراد ما يجري في عدد من الدول العربية الى الكويت وكأنها دولة بوليسية ديكتاتورية تعج بما يسمى “زوار الفجر” فيما هي تنعم بديمقراطية ليست موجودة في أكثر الدول العربية ديمقراطية.
نعم يا سمو الامير لكل ما جاء في نطقك السامي ولك الامر وللشعب السمع والطاعة, فهذا الخطاب الأبوي المبني على الاحساس بآلام الناس يعبر عما يجيش في صدور الكويتيين الذين سئموا كل انواع التأزيم ويتطلعون الى الهدوء والاستقرار واستكمال مسيرة بناء المؤسسات على اسس سليمة غير مرتهنة لفئة دون أخرى ولا تغلب مصلحة انتهازية كلفت البلاد في السنوات الماضية الكثير من المال والوقت وحبستها في زنزانة من لا يرون ابعد من أنوفهم, هؤلاء الذين لم يتركوا احدا الا ونعتوه بأبشع الصفات وتمادوا في التعدي على كرامات الناس جاعلين من انفسهم اوصياء الحق وقضاة الوطنية فيما هم غارقون الى قمة رأسهم بكل انواع الفساد وديدنهم الاقصاء والتخوين والنهب من المال العام بكل صفاقة ووقاحة.
النطق السامي لسمو الامير وبما انطوى عليه من شفافية كبيرة في ما يتعلق بكل ما تشهده البلاد اسس لمرحلة جديدة من العمل المفترض ان تؤديه كل المؤسسات على اختلاف اختصاصاتها, وان يضطلع كل مسؤول ومواطن بدوره على اكمل وجه, كما انه وضع ثوابت وطنية تحفظ امن واستقرار الكويت وتصون كيانها وتمنع ارهاب اهلها وتعطيل مسيرتها وتقطع دابر فوضى الشارع وشغب الغوغاء الذين يسعون الى بذر الفتن بين ابناء المجتمع بشتى الطرق, متناسين ان الكويت دولة مؤسسات وقانون وليست نهبا لمزاجية قلة مارقة.
كل الشعب الكويتي يقولها عن قناعة: السمع والطاعة لسمو الامير, ومن يخرج عن هذه الطريق ليس منا, ولا يعبر عن الكويت واهلها انما هو عضو مريض منبوذ في هذا المجتمع القائم على التسامح والاخاء, والملتزم دائما بما يراه ولي الامر من خير ومصلحة لشعبه ووطنه… فالسمع والطاعة لك يا سمو الامير.
أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق