بينما تحتل صناعة اعادة التدوير مكانة بارزة في اوروبا حيث تم تصنيع نحو 24 مليار علبة صفيح في عام 2010 فإن دولة الكويت تحاول بأقصى جهدها طرق باب هذه الصناعة عن طريق اتخاذ خطوات صغيرة نحو توعية المجتمع بمفهوم إعادة التدوير وتشجيع العامة على الممارسة اليومية لهذا العملية.
فمن خلال المشاهدات اليومية يستطيع الشخص ملاحظة هذه الجهود الواعدة من قبل الجهات الحكومية وجمعيات النفع العام وهي دلالة على أن دولة الكويت تخطو في الاتجاه الصحيح نحو هذه الصناعة إلا أن السؤال يكمن في معرفة ما اذا كان مفهوم إعادة التدوير مطبقا فعليا أم انه مجرد فكرة غير محددة الملامح.
فمن دون شك أن حاويات إعادة التدوير متواجدة بشكل ملحوظ في المجمعات التجارية ومحطات الوقود والأسواق المحلية وحتى داخل وزارات الدولة والمدارس بالإضافة إلى المباني السكنية ولكن هناك ممارسات خاطئة لمفهوم إعادة التدوير وهذا يكون واضحا عند رؤية نفايات مخلوطة داخل حاويات مخصصة للتدوير ما يدل على أن المفهوم لدى البعض لا زال غامضا ومغلوطا لذلك تبرز الحاجة الماسة الى تكثيف جهود التوعية حول كيفية المشاركة في المحافظة على البيئة بشكل صحيح.
وفي هذا السياق قال متحدث باسم شركة المعادن والصناعات التحويلية وهي الراعية لمشروع (النوير) لاعادة التدوير فضل عدم ذكر اسمه في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) ان الجهات الحكومية المختصة بالبيئة تبذل قصارى جهدها لتوعية المجتمع بهذا المفهوم البيئي وأهميته إلا انه بين أن عملية إعادة التدوير هي عملية تتطلب مشاركة كاملة لجميع أفراد المجتمع ومؤسسات الدولة.
وأوضح المتحدث أن بسبب سوء فهم الأفراد لعملية فصل النفايات المنزلية عن المخلفات التي يعاد تدويرها حدا بالقائمين على مشروع (النوير) الى تعيين موظفين يتولون عملية الفصل التي تعتبر مسؤولية تقع على عاتق الفرد أولا وأخيرا.
ولم تقف شركات إعادة التدوير عند حد توزيع حاويات مجانية للمهتمين بالبيئة ولكنها تقوم بتوزيع مكافآت تشجيعية لكل كيلوغرام من هذه المخلفات كما أن بعض الجهات تقوم بتحرير “مخالفات بيئية” لكل مخالف لقوانين إعادة التدوير أو لكل شخص يقوم بممارسات خاطئة تجاه البيئة.
وعلى الرغم من هذه الجهود إلا أن الفرد العادي لا زال في دوامة الجهل لهذا المفهوم البيئي فعند سؤال محمد الباقر وهو موظف حكومي عن فكرة إعادة التدوير لم يجب للوهلة الأولى واختلط عليه هذا المفهوم بعملية جمع القمامة العادية ولكن بعد التوضيح أبدى الباقر ملاحظاته لوجود حاويات لإعادة التدوير بمختلف أنواعها في الجهة التي يعمل بها ووصفها بأنها “خطوة جيدة” للمحافظة على البيئة.
أما خالد الحشاش وهو طالب جامعي فكان ملما بفكرة إعادة التدوير بما انه يتعامل مع إحدى شركات إعادة التدوير التي تمر بمنزله لجمع المخلفات البيئة إلا أن الحشاش لا يزال غير ملم بماهية وأهمية المزاولة اليومية لهذه العملية.
وعلى الرغم من الجهود التي تقوم بها جمعيات النفع العام والجهات الحكومية بتوعية المجتمع حول أهمية إعادة التدوير إلا انه من الملاحظ أن الشخص العادي لا زال يحتاج إلى المزيد من التوعية والمزيد من القوانين البيئية التي تضبط سلوكياته تجاه البيئة فهذه التوعية تقع على عاتق الهيئة العامة للبيئة التي تقوم بجهود كبيرة لنشر التوعية البيئية بين أفراد ومؤسسات الدولة.
وقد علق مدير العلاقات العامة للهيئة العامة للبيئة د. خالد العنزي قائلا أن الهيئة تقوم بزيارات منتظمة للعديد من الدوائر الحكومية والمؤسسات الخاصة والمدارس لنشر التوعية البيئية وكيفية المحافظة عليها.
وقال العنزي ل(كونا) أنه يجب تنبيه المجتمع الى أن البيئة “في خطر” وأن عملية إعادة التدوير تعتبر إحدى الطرق لإنقاذ البيئة من سموم الملوثات اليومية موضحا أن البيت الواحد في الكويت يخرج بما يعادل 1ر5 كيلوغرام من المخلفات للفرد الواحد في الأسبوع وهو رقم لا يمكن الاستهانة به لأنه يجعل عملية إعادة التدوير عملية صعبة وتتطلب الكثير من التحدي.
وأشار العنزي إلى مشكلة خلط المخلفات البيئية مع النفايات المنزلية ووصفها بأنها “خطيرة” ولا يمكن تجاهلها لذلك وجبت توعية وتعليم الفرد بأهمية الممارسة الصحيحة لفصل المخلفات من أجل تسهيل وتسريع عملية التدوير.
أما السكرتيرة التنفيذية للمنظمة التنموية للطاقة المتجددة (ريدو) غدير الصقعبي فتحدثت الى (كونا) قائلة ان المنظمة اتخذت خطوات غير تقليدية لنشر التوعية البيئية عن طريق تحرير “مخالفات بيئية” للأشخاص الذين يقومون بخلط المخلفات التي يمكن إعادة تدويرها بعضها مع البعض الآخر حيث ان هناك من يقوم بخلط الورق مع البلاستيك ومع الصفيح من غير اعتبار ومن غير مسؤولية.
وقالت الصقعبي “ان هذه المخالفات ليست للترويع ولكنها للتنبيه” موضحة أن الأشخاص الذين تصلهم هذه المخالفات يقومون بالاتصال بالمنظمة لمعرفة ماهية المخالفة وبهذه الطريقة تقوم المنظمة بالتوعية المباشرة مع الأفراد.
وأكدت أن إعادة التدوير في الكويت بأمس الحاجة إلى التحسين والتطوير وانه على جميع أفراد المجتمع الإحساس بالمسؤولية المباشرة تجاه البيئة والمحيط الذي يعيشون فيه.
ان تطبيق عميلة إعادة التدوير يتطلب العمل المشترك بين الجهات الحكومية والمنظمات البيئية والأفراد للحصول على أفضل النتائج ولذلك فإن التوعية والمعرفة بالمفاهيم البيئية وممارساتها الصحيحة هي الخطوات الأولى لنقل عملية إعادة التدوير من مجرد مفهوم متداول على ألسنة أفراد المجتمع إلى تطبيق عملي وممارسات يومية تعود بالنفع على الشخص والدولة والبيئة على السواء.
قم بكتابة اول تعليق