أسيل أمين: هل قرأوا الدستور

عند حدوث خلل ما في النظام العام، تلقائياً يبدأ المختصون وذوو الشأن بالبحث عن أسباب الخلل ومحاولة علاجه بشكل فعال وجذري وبأسرع وقت، آخذين بكل الوسائل الممكنة لذلك، فضلا عن دراسة السلبيات المتوقعة في حال الأخذ بحل معين من دون غيره، ووضع البدائل المناسبة له، والنظام السياسي لا يخرج عن هذه القاعدة.

الوضع السياسي في الكويت ينظمه دستور 1962 الذي حدد الشكل العام للدولة وكيانها ووجودها في مواده الأساسية (المواد من 1 إلى 6)، والتي أكدت أن الكويت إمارة وراثية (المادة الرابعة)، ونظام الحكم في الكويت ديموقراطي (المادة السادسة)، وصولا إلى الباب الرابع المتعلق بتنظيم عمل السلطات، بدءا من سلطة رئيس الدولة (الأمير)، وبقية السلطات التشريعية والتنفيذية (بفروعها الثلاثة: الوزارة والشؤون المالية والشؤون العسكرية) والقضائية.

كما حدد الدستور الآليات والسبل التي يمكن من خلالها إجراء التعديلات أو الإصلاحات أو التطوير، سواء على الدستور نفسه، أو على النظام السياسي العام، وحتى على النظام الانتخابي، ولكن ما يحدث الآن على الساحة السياسية غير واضح الملامح، بسبب المطالب «غير الثابتة» لجماعة ساحة الإرادة، فتارة يرتفع السقف، مطالبين بإصلاح سياسي يطال مواد الدستور وتقنين ممارسة السلطات، وتارة يهبط السقف، مطالبين بعدم المساس بالنظام الانتخابي – أو ما يسمونه بالعبث – وأحيانا تدخل قضايا جانبية كنقد السلطة التنفيذية في ممارسة صلاحياتها أو قضية الإيداعات – رغم أنها قضية جنائية بالدرجة الأولى- مما صعب التكهن بمطالبهم الفعلية، وبالتالي صعوبة معرفة مكمن الخلل الذي يعنونه!

في تجمّع الأسبوع الماضي ارتفع السقف – صراحة – ووصل إلى الحد الأقصى، والتساؤل هو: هل قرأوا الدستور أو المذكرة التفسيرية ليدركوا معنى ما يقولون؟ وهل يعلمون أنهم باسم الديموقراطية يشوّهون الديموقراطية، وباسم الإصلاح يهدمون النظام، وباسم الحرية يقمعون الرأي الآخر؟

أتمنى تدبّر هذه الفقرة من المذكرة التفسيرية لدستور الكويت «فلقد امتاز الناس في هذا البلد عبر القرون، بروح الأسرة التي تربط بينهم جميعا، حكاما ومحكومين. ولم ينل من هذه الحقيقة ذات الأصالة العربية، ما خلفته القرون المتعاقبة في معظم الدول الأخرى من أوضاع مبتدعة، ومراسم شكلية باعدت بين حاكم ومحكوم».

أسيل عبد الحميد أمين
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.