ناصر العبدلي: لا ناقة ولا جمل

هناك حزمة من الأسباب الموضوعية التي تجعلني أؤيد تخفيض عدد أصوات الناخبين إلى صوت واحد فقط، بدلا من الأصوات الأربعة الحالية، وهي بعيدة كل البعد عن أجواء الصراع السياسي بين كافة الفرقاء السياسيين على الساحة المحلية، وعلينا أن نفرق بين نظام انتخابي وتبعات ذلك النظام، وبين إيجاد الذرائع لإسباغ الشرعية على قرار بإقصاء طرف من أطراف الصراع السياسي.
نظام الأصوات الحالي فتح باب الانتخابات الفرعية على مصراعيه، وأصبحت القبائل الكبيرة خاصة في الدائرتين الرابعة والخامسة تستحوذ على أغلبية مقاعد الدائرة وهي بقرارها هذا أقصت بقية مكونات المجتمع الكويتي عن المشاركة الفعلية في عملية اتخاذ القرار، وخاصة أن النظام الديمقراطي في البلاد يقوم على توسيع المشاركة الشعبية، وليس على حصرها في قبيلة أو قبيلتين.
أيضا ذلك النظام أعطى فرصة لعملية التبادل بالأصوات، فإذا كان هناك مرشح يمتلك ألف صوت مثلا، حصل عليها بالتفاهم مع أفراد القبيلة التي ينتمي لها أو من خلال شرائها بشكل مباشر، يستطيع رفعها إلى أربعة آلاف صوت بكل سهولة من خلال عملية التبادل، وفي هذا مصادرة لحق الناخبين في اختيار من يمثلهم بعيدا عن التدخلات الجانبية كما يحدث الآن.
النظام الحالي للتصويت ضخم الخلافات المذهبية وحولها إلى خلافات سياسية بعدما كانت خلافات تنحصر في الجانب الفقهي فقط، كما أبرز المناطقية بشكل صارخ مما يهدد وحدة المجتمع الكويتي وتآلف مكوناته التي جبل عليها سنوات طوالا، وتعديلها سيؤدي حتما إلى إعادة الخلافات السياسية إلى الواجهة بدلا من الخلافات المذهبية والمناطقية السائدة حاليا، كما أدى الوضع الحالي إلى انحراف الصراع الحقيقي عن مساره ليكون صراعا أفقيا، بينما الصراعات السياسية تتطلب أن يكون الصراع رأسيا، كما في الديمقراطيات الأخرى.
هناك تنافس وصراع بين الفرقاء السياسيين على الساحة، والمحصلة النهائية لهذا الصراع لا تصب في خانة المواطن البسيط، بل هو صراع على السلطة كمدخل للثروة، ولكل طرف أدواته، وهناك قرارات إقصاء قادمة لهذا الفريق أو ذاك لكن كل ذلك لا ينبغي أن يحظى باهتمام المواطن البسيط، فلا ناقة له ولا جمل في هذا الصراع، فالمواطن البسيط يريد أن يخرج من هذا الصراع بأقل الخسائر على استقرار البلد بما يضمن حريته ومعيشته.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.