القاصة أميرة عامر: أنا ابنة بيئتي رغم الاختلاف

تعتبر أميرة عامر أحد الأصوات الأدبية في الكويت، التي برزت أخيراً، وهي تفضل ان يطلق عليها لقب قاصة اكثر من اديبة، كما انها لا تحب ان تستخدم لقب دكتورة، لانه لقب اكاديمي لا تستخدمه في أعمالها الابداعية، وهي تحب القصة التي تستمتع بها، كما انها تصر على انها ابنة بيئتها، ولديها علاقات متشابكة وتجارب انعكست في ذاكرتها وكتاباتها، وقد اجابت عن بعض الامور، خاصة فيما يتعلق بقصتها المميزة التي تحمل اسم «اعلان»، وامور اخرى علقت عليها في هذا الحوار.

إلى أي مدى استطعت التعبير عن مشكلات بنات جيلك؟

– أنا ابنة بيئتي، نتاج عائلة وعلاقات متشابكة مع الجيران زملاء وزميلات وابناء وزوج، وما أتلمسه في عملي ومجتمعي أشترك به مع من حولي. تجاربهم انعكست في ذاكرتي، ووضعت بصماتها في تشكل تفكيري، وما يشكل هماً لي من خلال تلك التجارب قد لا يفهمه الاخرين، وما يؤلمني ــ من خلال التجارب التي عايشتها ــ قد لا يؤلم الاخرين لانهم لم يعايشوه، او انهم يفتقرون الى مشتركات حميمية مع بيئتهم لاسباب مختلفة.

لكن من المؤكد أنني اشترك وغيري في مساحات كثيرة، بالرغم من اختلافاتنا الفكرية والعلمية والطبقية، ومن جهة أخرى لدى المرأة بالعموم هموم مشتركة بالرغم من اختلاف التفاصيل، فنحن جميعا نعاني الوجع نفسه، وان اختلف لونه او حجمه، ونتشارك في الفرح مهما كان حجمه، وعندما أتخذ موقفاً في قصصي فهو تعبير عن امرأة في بلدي أو عن امرأة تسكن في بقعة أخرى من هذا العالم، ولكنها تشترك معي في وجع مشترك.

مخزون عاطفي

وإذا كانت القصة عبارة عن لقطة فهل هي كافية للتعبير عن المخزون العاطفي والفكري؟

– قد تخفي الدمعة الصغيرة خلفها مأساة كبيرة، والبذرة الصغيرة هي اللحظة الجنينية لبناء الحياة، مثل الولادة التي تختصر معاناة ومخاض تسعة أشهر، حياتنا دائما تشكلها لقطة، ويتعامل القاص او المبدع مع اللقطة كما لو انها قطرة الحياة.

فمن خلالها ينهمر سيل من الأحاسيس والمشاعر والأفكار، التي قد تشكل أروع الاعمال، او تكون نواة لجدارية ضخمة، اللقطة او الومضة هي محفز المبدع لكي يتحرك مخزونه الذهني والإبداعي، إذاً اللقطة أو الومضة أو ما نسميه باللحظة الإبداعية هي الاساس، وما يضيفه المبدع يعتمد على المخزون العاطفي والنفسي للمبدع.

أول المشوار

كل من بدأ بالقصة انتهى به المطاف في الرواية، فماذا عنك؟

– من يدري؟! القصة القصيرة مولودي البكر، وللبواكير دائما ذكريات ومذاقات مختلفة، اعشقه وما زلت استمتع بتفاصيله، كيف سيكون شكل او جنس مولودي الثاني، لا ادري. فالعمل الابداعي ليس محكوما بقوانين، فالكثير من الكتاب استمروا على كتابة القصة القصيرة، وآخرون توقفوا كلياً حتى عن الكتابة، هذا يعتمد على المشتغل في هذا الميدان، وتبقى القصة والرواية والشعر والنثر ألوان وأجناس أدبية قد تحفز المبدع، لان يتعمق ويسبر اغوارها او يكتفي بالقليل، اعتبر نفسي مازلت في بداياتي، لكن طموحي ان اطور ادواتي الابداعية وأتحرك داخل مجال الإبداع، ولربما يتغير جنس الإبداع الذي اشتغل عليه لاحقاً وهذا لا استطيع ان أتنبأ به الان.

في مجموعتك «هناك رجل» كانت قصة «اعلان» هي الاكثر تميزا.. ما محور هذا التميز برأيك؟

– إن قصة «إعلان» شدتني وتشدني اكثر مما شدت القراء، وهي قصة ميزت نفسها عن قصص مجموعتي، وفي الحقيقة ما زلت اعلق ذلك الاعلان في مخيلتي، انه تعبير عن الفقد والحاجة للانتماء والبحث عن الهوية التي ضاعت بفقد الاب في مرحلة مبكرة جدا، حالة قاسية جدا، عشتها كما عاشها او يعيشها غيري، لكننا مازلنا نعلق حاجاتنا واعلاناتنا في صحفنا ــ ذاكرتنا السرية. ان فقدان رمز كنت وما زلت اتمناه دائما يعمق من احساسي بالفقدان والحاجة الى الغائب.

الشعر باق

لماذا سحبت الرواية البساط من الشعر برأيك؟

– اعتقد ان للشعر حضورا كما للأجناس الأدبية الأخرى، ولكن قد يكون دخول القصيدة الحديثة الى ميدان الشعر هو ما ادى الى انحسار بعض من محبي الشعر، وذلك بسبب صعوبة فهم القصيدة الحديثة، فالشاعر في القصيدة الحديثة يستخدم ادوات ومناخات تعبيرية معقدة، ليس من السهل على القارئ ان يفهمها او يتفاعل معها، اكتظاظ الأمسيات الشعرية بالحضور لهو دليل على المكانة التي مازالت للشعر، كما انني اعتقد ان الرواية باتت تنحسر ايضا في ظل القصة القصيرة، او ما ظهر حديثا كنوع جديد وهو القصة القصيرة جدا، بالنسبة للقارئ العربي الذي يعيش يوما مزدحما ومكبلا بهموم الفرد العربي، ودخول التكنولوجيا الحديثة.

أنت حاصلة على درجة الدكتوراه في التربية، فلماذا لم تستخدمي اللقب ليسبق اسمك في مجموعتك القصصية الأولى؟

– أفضل استخدام لقب قاصة على أديبة، ولا أحبذ ايضاً استخدام مصطلح «دكتورة» في أعمالي الإبداعية، فمصطلح دكتور هو درجة علمية تختص بعملي الأكاديمي واستخدمه في المجال الاكاديمي والتعليمي، الذي هو مجال تخصصي، وما أتيت بجديد، فالروائي أو القاص لا يحتاج إلى لقب يسبق اسمه فعمله الابداعي هو لقبه.

المصدر :القبس”

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.