البورصة تخسر 4 اضعاف دخل الكويت اليومي من تصدير النفط

سجل سوق الكويت اكبر خسارة مالية كبيرة يوم امس، متأثراً باختناق الاوضاع السياسية، اذ فقدت القيمة السوقية 256 مليون دينار كويتي اي ما يعادل 921.6 مليون دولار اميركي، اي 4 اضعاف دخل الكويت اليومي من تصدير النفط.

وفقد المؤشر السعري خلال التعاملات 205 نقاط حتى تدخلت المحفظة الوطنية ومارست بعض عمليات الشراء الانتقائية، واعادت اغلاقات بعض الاسهم الثقيلة الى ما كانت عليه، فعدلت المؤشرات نسبيا خسارتها ليغلق «السعري» متراجعا 180.5 نقطة بواقع %3 عن الاقفال السابق، فيما هوى المؤشر الوزني %1.3 وخسر مؤشر كويت 15 اقل من واحد في المائة.

في بداية التعاملات سيطرت عمليات البيع على السوق، وكان تدافع نحو البيع، فيما تريثت شريحة لديها قناعة بتحرك ما او تدخل من جانب الحكومة لمنع المبالغة في التراجع وتخفيف حدة الضغط اكثر من اللازم، لا سيما ان ما حققه السوق من مكاسب في الفترة الاخيرة كان في جزء منه بسبب التدخل الحكومي.

ووصلت عمليات البيع والعروض امس ذروتها، اذ كانت اكثر من 130 شركة معروضة بالحد الادنى غالبيتها لم تقابلها اي طلبات شراء.

واختفت المحافظ والصناديق من مشهد السوق، حيث سارع البعض بالبيع لتحقيق سيولة لانه يترقب الاسوأ، فيما فضل اخرون بقاء الوضع على ما هو عليه من دون بيع او شراء، حيث ان كلا الخيارين اسوأ من الاخر.

واكدت مصادر مطلعة في هيئة الاستثمار، وفقا لتقارير وعمليات المحفظة الوطنية، ان «المحفظة» قامت بدور امس، مشيرة الى انه لولا تدخلها لكان الوضع اسوأ بكثير مما اغلق عليه السوق، لان الجميع كانت لديه رغبة البيع اذ هبطت اسعار 125 سهماً.

هيئة الاستثمار

في سياق متصل، علم ان سمو رئيس مجلس الوزراء استدعى امس العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار بدر محمد السعد، وناقش معه الوضع الاقتصادي، واليات حماية المكتسبات، وسير الاقتصاد الكويتي بطريقه الصحيح والقيام بالدور المهني والفني تجاه السوق، بما يجنبه عمليات استغلال لاوضاع ما للضغط عليه هنا او هناك.

وفي سياق النزول الحاد الذي شهده السوق امس، تداعت اصوات من بنوك وشركات مالية تطالب هيئة اسواق المال بتقدير الوضع والحفاظ على مكتسبات السوق، وامكانية النظر في ايقاف التداول وفقا للمادة 44 من قانون السوق التي تنص على ان للهيئة اوسع الصلاحيات في ايقاف التداول او الغاء التداولات، خصوصا اذا كانت الاضرار بالغة.

وقالت مصادر مصرفية، ان القيمة التي فقدها السوق امس كبيرة ومؤثرة جداً في وقت عصيب وهو اواخر العام الحالي، مشيرين الى ضرورة التدخل الحكومي طالما ان التداعيات التي صبغت البورصة سياسية بحتة.

الى ذلك، كانت قيادات البنوك والشركات كافة تراقب تطورات الاحداث السياسية، واجرى المسؤولون مئات الاتصالات للتأكد من معلومات حول اي انفراجة للوضع او بوادر قرارات دعم او انقاذ الخسائر في السوق، ويكاد يكون متابعة محطات التلفزة ووكالات الانباء هو الشغل الشاغل حالياً.

وأجمع محللون ماليون كويتيون على ان تطورات المشهد السياسي ألقت بظلالها السلبية على مجريات أداء سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة).

وأوضح المحللون في لقاءات متفرقة مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان حالتي القلق والترقب سيطرتا على أوامر البيع والشراء لاستجلاء اتجاه السوق، خصوصا مع قرب حلول اجازة عيد الاضحى المبارك، مما جعل بعض مديري المحافظ والصناديق الاستثمارية يركزون على عمليات جني الارباح السريعة للاستفادة من تدني المستويات السعرية للعديد من الأسهم.

وأكدوا ان آلية الاداء اتسمت بحالات من التخبُّط، خصوصا من جانب صغار المستثمرين منذ البداية ومرورا بمنتصف التداولات، حيث خسر السوق في هذه الاثناء نحو 3 في المائة وانتهاء بقرع جرس الاغلاق وسط اخفاقات على الأسهم الرخيصة والمضاربية.

وذكروا ان المحفظة الوطنية لم تدخل سوى على بعض الاسهم المنتقاة من دون الالتفات الى بعض الاسهم التي كانت تحتاج الدعم الحكومي.

وقال المحلل المالي محمد الهاجري ان السوق هوى اليوم (أمس) بصورة أقلقت عموم المستثمرين، حيث تحتاج البورصة الى شتى صور الدعم الحكومي، بدليل ان القيمة المتداولة خلال 15 دقيقة الاولى لم تتعد ستة ملايين دينار كويتي، على خلاف الفترة نفسها وما كانت تحققه اكثر بكثير بنسبة 65 في المائة على الأقل.

ورأى الهاجري «انه كان هناك ضغط متعمد بهدف دفع المتداولين للتصرف في اسهمهم، مما يعني مزيدا من الخسائر، حيث طالت عمليات النزف معظم الاسهم التي وصل بعضها الى الحد الادنى، كما كان قطاع البنوك في غير مستوياته السابقة، نظرا الى السلوك المضاربي الذي انتهجته بعض المجموعات».

من جانبه، قال المحلل المالي علي النمش ان الأوضاع السياسية والتردي الحاصل على الساحة المحلية «ساهما بصورة كبيرة على منوال اداء السوق الحساس، الذي يتأثر كثيرا بأي تطورات كانت ايجابية او سلبية، وكانت وتيرة المخاوف اكثر مما كانت متوقعة».

واضاف النمش ان المتابع لاداء السوق «يلحظ محاولات التمسك، ولكن موجة التراجعات كانت اقوى، مما جعل البعض يبدي قلقه في صورة الترقب وعدم الولوج في مستقبل قد يكون غامضا على الاقل على المستوى القريب».

من ناحيته، عزا المحلل المالي ميثم الشخص تراجع الاداء في السوق اليوم (أمس) الى تطورات الاوضاع على المشهد السياسي والوقفات الاحتجاجية التي اثرت في نفسيات المتعاملين، حيث فضَّل بعضهم عدم المخاطرة والانتظار لما سيؤول اليه مجمل الأوضاع الداخلية والخارجية.

وأضاف الشخص ان ما تبقى من ايام التداولات قبل اجازة العيد «عادة ما كانت تشهد تحركات بصورة بطيئة، ولكن هذا الاسبوع سيستمر على حاله، ما لم يشهد حزمة من المحفزات، وفي صدارتها التدخُّل الحكومي».

 

المصدر “القبس”

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.