بيان قوى المعارضة بعد اجتماعها في ديوان البراك

أصدرت كتلة الأغلبية ومجاميع سياسية بياناً استنكرت من خلاله ما حصل من أحداث في مسيرة الأمس، مؤكدة أن مرسوم بقانون لتغيير آلية التصويت يتعارض مع الدستور، داعية أسرة آل صباح إلى التحلي بالحكمة وبُعد النظر والاصطفاف مع الشعب.وجاء البيان كالآتي:

  كشفت السلطة الحالية يوم أمس عن الوجه الأمني التسلطي القبيح للحكم الفردي في تعاملها الفجّ مع المسيرة الشعبية السلمية، وذلك عندما أهدرت كرامات المواطنين، وشنت حملة من الاعتقالات الانتقائية، ومارست القوة المفرطة عبر الإطلاق العشوائي للرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والدخانية والمسيّلة للدموع واستخدام الهراوات وخراطيم ضخ المياه المضغوطة ضد المواطنين المسالمين العُزَّل، الذين تعرض المئات منهم لإصابات متنوعة، ناهيك عن الاستهداف الشخصي لبعض النشطاء.

إنّ ما حدث يوم أمس يؤكد حقيقة أننا أمام انقلاب سلطوي ضد النظام الدستوري يتجاوز في حدوده المرسوم بقانون المتعارض مع الدستور لتغيير آلية التصويت، حيث أصبح واضحاً أننا في مواجهة حكم فردي قمعي ونهج خطير وليس مجرد إجراء خاطئ، ما يتطلّب الاستعداد للتصدي لهذا النهج في معركة طويلة تحتاج بذل التضحيات والتحلي بالنَفَسَ الطويل، مع ضرورة توحيد الموقف الشعبي وتماسك الصفوف، فالمعركة ليست معركة طرف واحد أو تيار معين، بل هي معركة وطنية.

ونحن إذ نحيي المشاركة الشعبية الواسعة في المسيرة السلمية التاريخية الناجحة بامتياز، فإننا نقدّر عالياً ما اتسم به سلوك جموع المواطنين المشاركين في المسيرة من رقّي وتحضّر، وروح وطنية مسئولة، مع توجيه تحية خالصة لحرائر الكويت من أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا، مؤكدين أنّ مطالب الشعب الكويتي لا تنحصر في إلغاء المرسوم بقانون سيئ الذكر، على أهمية هذا المطلب الحيوي، وإنما هي مطالب تمتد لتشمل تحقيق الإصلاح السياسي الذي ينقل الكويت إلى أن تصبح دولة برلمانية ديمقراطية، بالإضافة إلى رفض النهج القمعي والحكم الفردي. وفي الوقت نفسه فإننا نطالب السلطة الحالية بسرعة الإفراج عن المعتقلين من شباب الكويت ونوابها وأحرارها المخلصين، ونتوجه إليهم بالتحية، كما نبتهل إلى المولى الكريم أن يمنّ على الإخوة المصابين بالشفاء والسلامة.

إنّ الحراك السياسي الشعبي الذي شاركت فيه جميع أطياف المجتمع وقواه السياسية لم يكن قاصراً على تيار سياسي محدد، وهو مجرد بداية جادة لحراك مستمر سياسياً وميدانياً، فمن حق الشعب الكويتي أن يعبّر عن رفضه لمنهج الحكم الفردي القمعي.

مع تأكيدنا أنّ هذا الحراك الشعبي لم يكن موجهاً إطلاقاً ضد أسرة آل صباح في أي مرحلة من مراحله، إنما هو موجّه ضد تصرفات السلطة الحالية التي خرجت عن حدود العقل، وعلى الرغم من وضوح هذه الحقيقة إلا أنّ الأطراف المؤيدة للحكم الفردي القمعي أبت إلا أن تحرف الخلاف السياسي عن موضعه، وقد ساءنا ما دار في اجتماع أسرة آل صباح، المنعقد حينما كان الشعب الكويتي يتعرض للقمع، خصوصاً ما أثير في ذلك الاجتماع من مزاعم بأنّ الحراك الشعبي موجه ضد أسرة آل صباح، كما صدمنا ترديد شعارات عشائرية فيه، فهذه الشعارات إعلان من أسرة آل صباح عن سقوط مفهوم الدولة وسقوط القانون بعد ساعات قليلة من إعلان رئيس الدولة أنه سيطبق القانون.

إنّ محاولة شحذ همم أسرة آل صباح والسعي لشد الأزر والتنادي بأسلوب عشائري سوف يتسبب في عزل الأسرة عن الشعب، فضلاً عن عدم جدوى هذا التنادي في مواجهة الشعب الكويتي الذي يتآزر بدستوره وقيمه وثوابته.

وندعو أسرة آل صباح إلى التحلي بالحكمة وبُعد النظر والتصدي مع الشعب للحكم الفردي، الذي سيكون ضرره عليهم قبل غيرهم، فنحن أنصار النظام الدستوري وندافع عن الشرعية التي نخشى أن تهتز متى ما خاصمت أسرة آل صباح الشعب وانقلبت ضده وتحزبت بالمنهج العشائري.

ولعله لا يخفى على أحد أهمية دور القضاء والنيابة العامة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الكويت، ولذا فإننا نكرر دعوتنا الموجّهة إلى القضاة الأفاضل إلى وجوب التمسك باستقلالية القضاء عن السلطة الحالية، فالقضاء أمين على حقوق وأرواح الناس وحرياتهم، ولا يجوز أن ينساق خلف السلطة.

لقد هالنا يوم أمس استخدام السلطة الحالية لعناصر أجنبية ضمن القوات الخاصة، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل أليس في السلطة من حكيم؟

إنّ عزم الشعب الكويتي وإرادته أكبر من بطشكم، وما فعلته السلطة يوم أمس كشف بما لا يدع مجالاً للشك أنها فقدت رشدها وصوابها في إدارة الدولة.

وفي هذا السياق لن يرهبنا المرسوم بقانون في شأن حماية الوحدة الوطنية ذي الطابع القمعي الذي صدر مؤخراً، فهذا المرسوم بقانون يراد منه أن يكون أداة بيد السلطة تسجن من خلاله مَنْ تشاء وهو مرسوم باطل وغير دستوري.

ونرى أنّ بيان وزارة الداخلية الأخير بشأن المسيرة السلمية ليس إلا بيان تضليل وكذب وافتراء وخداع، وذلك على شاكلة البيانات التي تصدر عن النظم القمعية الديكتاتورية.

إننا وعلى الرغم من بطش السلطة، نؤكد عزمنا على الاستمرار في الحراك الشعبي، ونعلن تأييدنا الكامل لكل أشكال هذا الحراك ومختلف أساليب العمل الميداني السلمي الممكنة والمتاحة، التي سيعلن عنها في وقت لاحق وعن ترتيباتها وفعالياتها، حيث سيجري تنظيمها بالتنسيق مع مختلف الأطراف المختصة بالعمل الميداني، وذلك للردّ على النهج التسلطي للحكم الفردي.

وفي هذا الصدد ندعو جماهير الشعب الكويتي إلى المشاركة في الإفطار الجماعي في ساحة الإرادة يوم الوقوف بعرفة تعبيراً عن رفضنا لمنهج القمع، وللتضامن مع المعتقلين.

صدر يوم الاثنين 22 أكتوبر 2012

كتلة الأغلبية، وتجمع نهج، والجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الإصلاحات السياسية، والتيار التقدمي الكويتي، وحركة الإصلاح الكويتية “حراك”، ومظلة العمل الكويتي “معك”، والحركة الديمقراطية المدنية “حدم”، وعدد من المجاميع الشبابية.

المصدر “الجريدة”

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.