لا شك ان الذين يعتبرون خصومتهم لسمو رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد قضية حياة او موت يجهلون ان هذا الأمر لا يشكل قضية عند سموه, ولا هو في وارد إعارته اي اهتمام, فالرجل رمز من رموز الحكم, والرموز هامات كبيرة يرقون بأنفسهم عن الصغائر, لانهم ينظرون الى المصلحة الوطنية العليا ولا ينشغلون بغيرها.
لم يفهم هؤلاء ان الشيخ ناصر المحمد, “ترك لهم الجمل بما حمل” ليس خوفا من تأزيمهم المستمر والنكايات التي مارسوها, إنما حرصا منه على ألا تدفع البلاد المزيد جراء عبثيتهم, ورغم ذلك لم ينفكوا عن ملاحقته, بل هم يفتشون في أكوام القش عن إبرة إدانة وهمية ليست موجودة الا في أذهانهم, ولهذا يصر رأس حربتهم المثلومة, كبير دهاة العصر العباسي مسلم البراك في كل التحقيقات التي يجريها عبر لجنته على وجود أمر ما, رغم ان كل الذين خضعوا للتحقيق أثبتوا بالبرهان ان لا أصل لما يروج له من اتهامات.
نعم, لم يستطع هؤلاء الاقتناع أنهم يجرون خلف وهم, وسيعودون من تيههم بخفي حنين, فهل هذا هو ما أرادوه للاصلاح الذي أطنبوا بالحديث عنه? ألم يكن التطبيق الأمين والحرفي للقانون الذي عمل عليه الشيخ ناصر المحمد الخطوة الاولى في طريق الاصلاح? لقد اتضح, وكما كل الحقائق التي تكشفت في الاسابيع الماضية, ان هؤلاء قصدوا من مطالبتهم ألا يطالهم القانون, لهذا نراهم حاليا يمارسون كل الاعمال الخارقة لكل نظام وقانون.
هذه الحقيقة تتجلى يوميا في العديد من أفعالهم, بدءا من سعيهم الى سحب قضية اقتحام مجلس الأمة من ساحة القضاء واعتبار هذه الجريمة مجرد اختلاف في الرأي, الى تعديهم السافر على العديد من مؤسسات الدولة, وصولا الى تجمع بعضهم, وعلى رأسهم وليد الطبطبائي, أمام مقر أمن الدولة للمطالبة بالافراج عمن أحرق العلم الايراني بحجة ان هذه الفعلة ايضا هي اختلاف في الرأي, اذ ان الذين يفترض بهم ان يكونوا حماة القانون ¯ لانهم هم من يشرعه ¯ يعتدون عليه بكل جرأة.
هل المكيال الذي يكيلون به الان سيطبق, مثلا, في حال تجمع نفر من المواطنين, وأقدموا على حرق العلم البحريني او السعودي, او حتى العراقي, وهل سيعتبرون ذلك مجرد اختلاف في الرأي, وليس جريمة يعاقب عليها القانون? وهل في ذلك يحمون الدولة ومؤسساتها وعلاقاتها مع مختلف دول العالم, أم يشرعون الابواب للفوضى?
لم تحتمل جماعة الكيد كف يدها في عهد حكومة الشيخ ناصر المحمد عن التدخل في شؤون الوزارات, وتوظيف محاسبيها وإبعاد الاخرين, ولا منعها من إيفاد من تتوقع ان يمرض بعد ستة او سبعة أشهر للخارج, جاعلة من العلاج في الخارج صندوقا انتخابيا لها, فانفجر بركان غضبهم من كل ذلك, و وصل بهم الأمر الى حد الفجور بالخصومة, وهو ما ينافي بديهيات العمل السياسي والبرلماني الصحيحة, كل ذلك لان الرجل بكل بساطة أراد تطبيق القانون والمساواة بين المواطنين.
لهؤلاء نقول: اهدأوا, لم تكونوا في الماضي ولستم الان قضية سمو الشيخ ناصر المحمد, فهذا الرجل وضعكم أمام حقيقتكم حين ترك المجال لكم لتقفوا أمام مرآة الحقيقة وتنفذوا ما طبلتم وزمرتم له طول الفترة الماضية, ها هي الساحة أمامكم فماذا أنتم فاعلون بالكويت وأهلها الذين أصبحوا خصمكم!
ختاما نطمئنكم أنكم لن تجدوا في سيرة الشيخ ناصر المحمد بقعة واحدة سوداء كما هي حال سيركم الملطخة ببقع سوداء لا تمحوها كل مسرحياتكم التي ينفر منها أهل الكويت وترتسم علائم الأسى والاسف على وجوههم مع كل مشهد منها جراء ما ترتكبونه يوميا من أفعال تخالف كل الاعراف والقيم, وتزيد من نفور الناس منكم, وتأكدوا أنكم قريبا ستحصدون عوسجا لأنكم ما برحتم تزرعون الشوك.
أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق