السفير البريطاني: ما يحدث في الكويت خطر على تطورها الاقتصادي والسياسي

كتب السفير البريطاني في مدونته مقالاً عن الأوضاع في الكويت.. وفي ما يلي نصه:

شهدت بمزيد من الحزن أحداث العنف التي وقعت مساء يوم الأحد بمحاذاة أبراج الكويت التاريخية.

وكما يعلم من يتابع مدونتي، فلطالما أثنيت على الحرية التي هي من صميم نسيج المجتمع الكويتي، وكذلك على الحس الديمقراطي للشعب الكويتي.

وأنا متأكد من أن الجميع سوف يوافقونني الرأي على انه من المؤسف ان نرى مثل هذه الإيجابية، وقد تم استبدالها بالعنف في الشوارع.

لست مخولا بتوجيه الاتهامات بخصوص التصعيد الذي أدى إلى مثل هذه المشاهدات، كما أنني سمعت وفهمت الاتهامات التي كيلت من جميع أركان الطيف السياسي.
وفي الوقت الذي تناثرت فيه سحب الغاز المسيل للدموع فوق الخليج، بقيت المشاكل السياسية محلك سر. وعبر كل من الحكومة والمعارضة عن آرائهما بكل صراحة، وكلاهما على قناعة من ان الحق والدستور الى جانبهما. ورفع كلاهما السقف.

ووصلت البلاد إلى حائط سد. وبالطبع، لست في حاجة إلى أن أخبركم – أيا كانت أولوياتكم – أن في ذلك ضررا على الكويت، وعلى تطور البلاد واقتصادها، وعلى أي شكل من أشكال الإصلاح السياسي.

ويعود أصل هذا الخلاف إلى التصارع على النفوذ، وعلى طبيعة ومعنى الدستور الكويتي، وعلى ايجابيات النظام، وعلى مدى فعاليته. ولا توجد إجابة عن كل هذه الأسئلة الكبرى، ولن يتم التوصل إلى حل لأي منها بسرعة، فلقد استغرقت المملكة المتحدة أكثر من ثلاثمائة وخمسين عاما للوصول إلى استقرارها السياسي. ومازالت الكويت تتطور وهذا شيء ايجابي، فالإصلاح السلمي كأسلوب للتغيير يجب أن يتفوق – في كل مرة – على الثورة العنيفة.

وفي هذا السياق، تظهر التسوية كفكرة وحيدة يمكن أن أقدمها إلى كل أصدقائي الكويتيين. فالتقدم السياسي في أي بلد لن يتم طالما الأفراد لا يستمع بعضهم إلى بعض، وليسوا على استعداد للتخفيف من موقفهم أو للتلاقي عند نقطة تسوية متبادلة. وأنا هنا لا أوجه أصابع الاتهام إلى أي أحد، ولكنني أذكر الحقائق مجردة كما هي، وان هذه هي حقيقة ما يحدث هنا في الكويت. ويبدو لي – كمراقب للموقف – ان هناك كثيرا من الأهداف المشتركة التي تستطيع قوى الكويت السياسية المتصارعة أن تتحد خلفها، من أجل مصلحة البلاد حتى ولو كان ذلك على المدى القصير فقط.

وترى المعارضة – وهي على حق في ذلك – أن مكافحة الفساد هي الأولوية. وقد أعلنت الحكومة عن الشيء ذاته. وتباحث جميع الأطراف في أهمية وجود لجنة انتخابات مستقلة. وقد يؤدي ذلك – كما هي الحال في معظم النظم الديمقراطية الأخرى – إلى دفع قضية التشريع الانتخابي الشائكة، والتي هي السبب الأقرب لصدامات يوم الأحد، بعيدا عن الحقل السياسي. ولا يستطيع اي فرد ان يختلف على أن الإصلاح الاقتصادي الحقيقي والسريع هو ما تحتاجه الكويت، للتقدم إلى الأمام ولمواجهة تحديات المستقبل. والتزمت كل من الحكومة والمعارضة بتوفير حل سريع لقضية البدون – وهي احد اكبر قضايا حقوق الإنسان التي تحوم فوق البلاد. ويبدو لي انه فيما يتعلق بأهم القضايا، فإن الطرفين ليسا في الحقيقة بعيدين عن بعضهما كل البعد.

لذلك، وعلى الرغم من أحداث الأسبوع، سأبقى متفائلا، وكلي ثقة في الشعب الكويتي، وفي رقيهم وعدلهم وصداقتهم، وأتمنى أن يجد جميع الأطراف وسيلة للتعاون، ولإيجاد حل لهمومهم ومخاوفهم وتطلعاتهم.

ا

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.