لا تموت المجتمعات من الخارج، بل هي تنتحر من الداخل متى ما كثر فيها النزاع والشقاق والصراخ واستيقظت في ضواحيها وحواريها وطرقاتها وميادينها الفتنة، ودب بين أفرادها اللغو والتناحر وتمزق السلم الاجتماعي فيها، فلا هذا يطيق ذاك، وكل شخص يمضي في طريق معاكس للآخر وهو يحمل الضغينة في صدره ضد أخيه المواطن فيتشظى المجتمع ويتفتت الشعب ويوفر على الأعداء كلفة العداء ونصب الأشراك.
السلم الاجتماعي وحده المضاد الحيوي الفعال الذي يقوي المجتمع من الداخل ويحصنه من رغبات الخصوم وشهوة الأعداء المتربصين به شرا، غير أن هذا السلم لا يتوافر وسط الضجيج والفوضى والإصغاء للموتورين أو العنصريين الإقصائيين المتمترسين في أفكارهم الضيقة، إنما يتحقق السلم متى ما ساد الاحترام في المجتمع وارتسمت المحبة على الجباه الساجدة وفي العقول الراشدة والصدور الهاجدة والألسن الحامدة.
اختلاف الآراء والمذاهب والأديان والمعتقدات والمشارب والسلوك والأذواق لا يضير العقلاء بل يسعدهم ويبهج قلوبهم ويثري عقولهم، لكن هذا الاختلاف يزعج الجهلاء الذين لا يرون أبعد من ارنبات أنوفهم فيتعصبون ويتأزمون ويأثمون بحق أوطانهم حين يشعلون النيران فيها متى ما تركت لهم الحبال على الغوارب وشيدت لهم المنابر وأفسح لهم في المجالس يهذرون فيها ويهرفون بما لا يعرفون.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق