محمد العبدالجادر: خيارات «الرئيس»


خلال الاسابيع الماضية، حدثت تطورات سياسية على الساحة المحلية، وتحديداً بعد نتائج الانتخابات البرلمانية والتشكيل الحكومي الجديد برئاسة الشيخ جابر المبارك وأهمها، من وجهة نظري، هو التعامل مع الاضرابات ومواجهتها، وكذلك مواجهة الاستجواب بشكل مباشر وعلني.
في ما يتعلق بالتعامل مع الاضرابات، وهي محطة رئيسية، فإن مواجهة هذه العملية لم تكن نجاحاً للحكومة، بقدر ما كشفت عن عدم وجود فريق محترف لإدارة الازمات، وكان واضحاً الاعتماد على الوقت، وتصريحات بالمواجهة، ونشاط اعلامي مواز، ولكنها جميعاً لم تكن لتصمد لو كان التعامل النقابي للاضرابات اكثر تنسيقاً، فاصطدام المضربين بمصالح الناس مباشرة وارتفاع اسعار سلع يومية وتوقف نشاطات السفر والمبالغة في بعض المطالب، جعلت الحكومة تعبر، ولو مؤقتاً، امام موجة الاضراب، ولكن هل تنتظر الحكومة مواجهة جديدة، وهل ستصمد آنذاك؟!
اما مواجهة الاستجواب، وهو الاختبار «الأول» لحكومة الشيخ جابر، وتحديداً له، فكانت لها ايجابيات اهمها كشف الغطاء عن تركيبة المجلس، وبداية تفكيك ما يسمى ب‍ «الأغلبية». فهنالك ميل لاطراف متعددة داخل المجلس الى التهدئة، وهو تكتيك ذكي للمحافظة على المجلس واعطائه فرصة لتحقيق بعض المكاسب التشريعية، وبالذات للتيار ذي الصبغة الدينية، وجنوح كتلة العمل الشعبي لاقصاء بعض الوزراء، وليس رئاسة مجلس الوزراء.
اما الكتلة الجديدة «المعارضة» فهي تتلمس الطريق لإثارة قضايا تؤدي الى إحراج تركيبة المجلس والدفع بإثارة هذه القضايا تمهيداً لأزمات تؤدي الى الاصطدام والحل.
وهو تكتيك استُخد.م في المجلس الماضي من قبل «أقلية» أصبحت «أغلبية»، وأغلبيته أصبحت «أقلية»، وتم تبادل الأدوار، ولا شك ان التحديات أمام هذا الوضع كبيرة، وأن الأمور لن تهدأ ولن تقف. وأخطر ما في هذه القضايا ان هنالك تطرفاً في القضايا المطروحة «طائفياً» التي تمزق المجلس نفسه، وتمزق المجتمع بصورة اعظم، ومن دون مراعاة العوامل الاقليمية. ولدى رئيس الحكومة خيارات بسيطة، فهنالك فريق في سبيل استمرار المجلس مستعد للتعاون، ولكن لن يقدم تنازلات، وهنالك فريق آخر يستهدف افشال هذه المساعي. وفي وسط هذه المعادلة، هل تستطيع الحكومة العبور وسط هذا التلاطم في أمواج المجلس؟ خيارات السيد الرئيس يجب الا تكون تنازلات على حساب بعض مواد الدستور، فالتاريخ لن يرحم وأيضاً التاريخ قد يسطر اسمكم بالذهب.

د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.