شهد «بيت البدر» أمسية أقرب إلى الاحتفال والتكريم للصوت الجريح الفنان الكبير عبدالكريم عبدالقادر حملت اسم «ليلة مع عبد الكريم» والتي جاءت ضمن مساعي وزارة الإعلام في توثيق التراث الكويتي والاحتفاء بالكبار.
السهرة التي قدمها المذيع ممدوح محسن أعدها أحمد خورشيد وأخرجها جابر الحربي وأشرف عليها طلال الهيفي، وغلبت عليها أجواء الزمن الجميل وحملت تفاصيله الأصيلة والراسخة في الأذهان، وزادها جمالاً تواضع وعفوية «أبو خالد» الذي لم تفارق الابتسامة وجنتيه، وتعامل بتواضع الكبار مع كل المتواجدين في المكان.
أما الموسيقى فكانت بقيادة المايسترو جمال الخلب، وتبارى شابان من طلاب المعهد العالي للفنون الموسيقية على تقديم ست أغنيات لـ «الصوت الجريح»، فقدم علي بن حيدر «ما نسينا»، «غريب»، «وداعية»، أما محمد الموسى فغنى «من بين الناس»، «آه يا الأسمر»، «رد الزيارة». وشهدت السهرة عرضاً حصرياً لأغنية «بلا ميعاد» التي أهداها «أبو خالد» لتلفزيون دولة الكويت.
وكان لـ «الراي» لقاء مع «الصوت الجريح» على هامش السهرة، فقال: «أشكرهم، إذ كانت السهرة تكريمية للفنانين الكبار، خصوصاً أن هناك سهرة للفنان شادي الخليج الذي يستحق التكريم أيضاً، وهذا أمر جيد أن يلتفت تلفزيون الكويت إلى أبنائه الذين أعطوا وقدموا لهذا المجال، فهذا الحراك الفني والجلسات دليل على اهتمام القائمين وعلى رأسهم الوزير الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح، وهو أمر كنا نفتقده منذ نحو ربع قرن».
وأبدى «الصوت الجريح» سعادته باختيار مكان تصوير الجلسة، «لأنها تحمل عبق الماضي الجميل، وبصمت بالعشرة حين علمت بالمكان».
وعن جديده، قال: «انتهيت من التحضير لألبوم (شعبيات) وستصدره شركة (روتانا)، ويتضمن ثماني أغنيات، وللفنان يوسف المهنا ثلاث أغنيات منها وهو المشرف العام على الألبوم».
وأرجع «أبو خالد» نجاح أعمال الزمن الجميل إلى الروح التي كانت تسود فريق العمل، «فعندما كنا نعطي ملاحظة على العمل كان هناك تفاهم من فريق العمل الذي أعمل معه وهذا من حسن حظي، كونهم يثقون بأنني أهدف إلى وصول العمل بأفضل صورة للجمهور، وهذا المناخ الصحي هو السبب في الإبداع الذي كنا نعيشه، كما أن معظم الأغنيات كانت تكتب لي خصيصاً، وهنا تكون صعوبة الاختيار والتدقيق في اختيار الجمل لتصل إلى الجمهور».
واعترف عبد القادر بأن لديه «فوبيا» من الطيران، ورغم هذا لم يمنع ابنه من دراسة الطيران، وأرجع سبب الخوف إلى حوادث الطائرات التي تعرضها القنوات التلفزيونية، ولكن هذا الأمر لم يمنعه من ركوب الطائرة نهائياً والذهاب إلى دول أوروبية عدة لإحياء حفلات منها في باريس ولندن».
واعتبر عبد القادر أن «اكتمال العوامل الفنية للأغنية من كلمة ولحن، وصوت كانت سبباً أساسياً في نجاح أغنيات الزمن الجميل وبقائها، ولكن الوضع الفني اليوم مؤسف، وأتمنى من الجيل الحالي التركيز على الأضلاع الثلاث للأغنية، خصوصاً أن كثيرين يمتلكون الصوت الجميل ولكن للأسف بعضهم تحوّل إلى «رتوش» وبات الموزع هو الأصل، ولا يعني كلامي أنني أقلل من شأن الموزع فهو مهم، ولكن الأهم تكامل عناصر الأغنية فعندما قدمنا أغنية (وطن النهار) كان هناك موزّع هو طارق عاكف ولكن حضرت الكلمة واللحن بقوة في العمل».
وثمّن «أبو خالد» الدعم الذي يقدمه وزير الإعلام وشدد على أهمية زيادة الدعم للفن، خصوصاً في ظل غياب أو تلاشي شركات الإنتاج التي لم تعد تحقق مردوداً مادياً وسط حال القرصنة الإلكترونية، وأضاف «استمرارية عبد الكريم هي مسؤولية وزارة الإعلام، وليعذرني الجميع ولا يطلب مني أحد الذهاب إلى وكيل وزارة الإعلام (وراح يعطيك) فهذا لا أريده بل أريد تكليفاً من مراقب الموسيقى كونه المتخصص، ولا أريد أن يفهم من كلامي أنني أبحث عن الدعم لنفسي بل للأجيال والشباب الذين يحتاجونه».
وأشار «الصوت الجريح» إلى أن أغنية «هذا أنا» كانت فكرة خرج بها الشاعر بدر بورسلي بعد أن ذهبا معاً من منطقة حولي إلى الفحيحيل فخرجت معه، مؤكداً أن مثل هذه الأغنية لا يكتبها إلا بورسلي لما يمتلكه من إحساس وجمالية. واعتبر أن تعاونه مع الشاعر راشد الخضر مرحلة جديدة أراد بها صورة جديدة و«ستايل» مختلفاً وهذا ما حدث من خلال أغنيتي «للصبر آخر» و«رحلتي»، خصوصاً أن الخضر استطاع أن ينقل الأغنية الكويتية إلى مكان آخر.
وعن سبب غيابه عن المسرح، قال: «لم تقدم إليّ أوبريتات تتناسب معي، كما أنني لا أنظر إلى الموضوع كالسباق ويجب عليّ أن أربح فيه، فهناك أجيال جديدة يجب إعطاؤها الفرص، وكل الأخوة يحترمون قراري بأنني أريد المحافظة على عبد القادر كما أحبوه وعرفوه، أما توقفي عن الحفلات فيرجع إلى أسباب شخصية، ففي إحدى المناسبات خارج الكويت طلب مني أصحاب الدعوة الاستمرار في الغناء لمدة ثلاثة أيام وهذا الأمر وجدته صعباً بعض الشيء، وأتذكر أنني قلت لهم يومها «أنا مو مركب عداد» وبعدها قررت ألا أقدم حفلات».
الفنان القدير أكد أن الصدى الذي يجده من الجمهور يخفف عنه المشقة والتعب، «حبهم لي هو رصيدي الحقيقي، وعندما أعرف الأثر الذي تتركه أعمالي فيهم، فلا أنسى اتصال إحدى السيدات من الرياض وقالت لي إنها قررت طلب الطلاق من زوجها بعد استماعها لأغنية «للصبر آخر» التي كانت دافعاً لها لإنهاء العذاب الذي عاشته لفترة معه».
ومن جانبه، قال المخرج جابر الحربي: «يعرف عن الصوت الجريح ندرة ظهوره في مقابلات تلفزيونية، لذلك فإن وجوده معنا اليوم شجعني على إخراج الحلقة، وقررت الخروج عن فكرة التصوير الداخلي، وساعدنا على ذلك تحسّن الجو حالياً، وأن نكون في مكان يذكرنا بتراث الكويت وماضيها الجميل».
أما مقدم السهرة ممدوح المحسن فقال: «اختياري لتقديم السهرة هو تشريف، فهذه القيمة الفنية تحمّلني مسؤولية كيفية تقديمها وهل سأستطيع أن أقدم جديداً ينتظره محبو عبدالكريم عبدالقادر».
معدَ السهرة أحمد خورشيد اعتبر أن «هذه السهرة كانت بادرة ليست بجديدة عن تلفزيون الكويت بتوثيق الفن الكويتي، وأبو خالد يعرف كواحد من مؤسسي الفن الكويتي، ووجوده في مقابلة تلفزيونية هو إنجاز بحد ذاته».
المصدر “الراي”
قم بكتابة اول تعليق