
تعيش الكويت هذه الايام اجواء احتفالية بمناسبة مرور 50 سنة على وضع الدستور الذي صار يلعب دورا مهما في حياة الكويتيين الذين مارسوا الحياة الديمقراطية منذ التصديق عليه ليشكل بذلك منهجا لحياتهم .
وكان اختيار الكويتيين لآل صباح حكاما لهم منذ اكثر 300 عام وعلى اساس الشورى وتبادل الرأي قد مهد الى افاق دستور عام 1962 الذي يعيش فيه الكويتيون تفاصيل حياتهم اليومية .
وكانت الكويت اول دولة في المنطقة تضع دستورا نقلها الى مرحلة المؤسسات ووضعها على خريطة الدول التي اختطت المسيرة الديمقراطية و الحريات.
وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور حامد العبدالله في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان الدستور الكويتي نجح في تنظيم شكل العلاقة بين الحاكم و المحكوم مستفيدا بذلك من ثراء الكويت التاريخي عندما اختار الشعب الكويتي عام 1756م الشيخ صباح الاول كأول حاكم للكويت علي ان تكون الشورى و المبايعة هما اساس الحكم. ووفقا للمادة رقم 6 في الدستور” فان نظام الحكم في الكويت ديمقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا وتكون ممارسة السيادة علي الوجه المبين بهذا الدستور “.
وذكر ان نظام الحكم لا يقوم على مبدأ الاستفراد بالسلطة وإنما يكون للمحكوم دور في صنع القرار السياسي من خلال اختياره في العملية التشريعية انتخابا وترشيحا مضيفا ان اعضاء مجلس الامة هم ممثلو الشعب وهم مسؤولون عن عمليتي التشريع و المراقبة لاعمال السلطة التنفيذية كما ان لمجلس الامة دورا في اختيار ولي العهد .
وأوضح الدكتور العبدالله ان الدستور الكويتي نقل العديد من الحقوق الاقتصادية والسياسية و المدنية و الاجتماعية للمواطن بصورة تضاهي ماهو موجود في ارقي البلاد الديمقراطية كحق التعليم و العمل والملكية الخاصة وحرية الاعتقاد والرأي و تكوين الجمعيات والنقابات على الاسس التي كفلتها القوانين بالإضافة الى حرية الصحافة و الطباعة و النشر .
وقال ان الامير يتولى سلطاته بواسطة وزرائه حيث انه هو رئيس السلطة التنفيذية و القائد الاعلى للقوات المسلحة كما انه مشارك في العملية التشريعية من خلال مجلس الوزراء وتصدر الاحكام القضائية باسمه.
واضاف الدكتور العبد الله ان الذات الاميرية مصونة ومحصنة وفقا للمادة 54 من الدستور مبينا ان منصب امير البلاد يسمو فوق كل التناقضات و الاختلافات السياسية وان صاحب السمو يعتبر بمثابة الاب القائد الذي يقدم المشورة و التوجيه و النصح لأبنائه الكويتيين اذا المت بهم الازمات.
واوضح ان هذا لا يعني ان الدستور الكويتي لا يعاني من ثغرات افرزتها التجربة السياسية الكويتية علي مدار الخمسين عاما الماضية فقد نصت المادة 174 من الدستور على ” انه لايجوز اقتراح تعديل الدستور قبل مضي خمس سنوات على العمل به”.
واشار الى امكانية تنقيح الدستور بعد مضي هذه الفترة وبناء على معطيات التجربة السياسية المستقبلية دون وجود مخاوف بشأن عملية تنقيح الدستور مستندا بذلك الى نص المادة المذكورة.
من جهتها قالت المتخصصة بالدراسات الاستراتيجية في مركز دراسات الخليج و الجزيرة العربية في جامعة الكويت الدكتورة ندى المطوع في لقاء مماثل ان الدستور الكويتي عبارة عن وثيقة استهدفت تحديد ملامح السلطة السياسية عبر توضيح العلاقة بين السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية حيث تميز امام غيره من الدساتير بدول العالم النامي بالبنود و المواد الخاصة بالحريات وحقوق المواطنين و الاحكام الخاصة .
وأضافت ان الدستور الكويتي رغم احتفاظه بالجمود امام التعديل و التنقيح اتسم بمرونة مواده امام التطوير حيث ان استمرار روح التجديد في التاريخ السياسي سمة من سمات السياسة الكويتية ورغم ذلك لم تخل الحياة السياسية من الخلافات ولم تخل ايضا من الروح القيادية و الالتزام بالحوار .
وذكرت الدكتورة المطوع ان عملية صياغة الدستور في الماضي تأثرت بالحراك الثقافي الناتج عن انفتاح الكويت على الدول العربية بمفكريها ووسائل اعلامها من اذاعة ومجلات وكتب وبعثات دراسية.
وقالت ان هناك حدودا للديمقراطية لكن المطلوب هو عدم جرها للحد الادنى وان لا تهبط الممارسة السياسية الى مستوى متدن والا فانها ستفقد صفتها الديمقراطية فكلما كان النهج ديمقراطي في اتخاذ القرارات العامة ازداد معدل الاستقرار السياسي.
قم بكتابة اول تعليق