القوى الوطنية الديموقراطية انقسمت حول الموقف من انتخابات 1970. فبينما فضلت جماعة الغرفة – عبدالعزيز الصقر – والتجمع الوطني – جاسم القطامي، وقررنا، الزميل احمد الديين وانا دعمهم في مقاطعة الانتخابات، اتخذ ما عرف وقتها بــ«جماعة الطليعة» موقفا مغايرا حيث قرروا خوض الانتخابات بغض النظر عن العبث الواضح والموثق بالجداول الانتخابية الذي جير الانتخابات لمصلحة اعوان السلطة واقطابها.
لكن نتيجة الانتخابات والوضع السياسي الذي رافقها اثبت ان الذين شاركوا كانوا على حق، واننا، اي المقاطعون، لم نتخذ القرار الصائب. اما لماذا اختار جماعة الغرفة والتجمع ونحن المقاطعة بينما اصرت «جماعة الطليعة» على المشاركة، فان الاجابة عن هذه صعبة. فلكل بالتأكيد اسبابه وظروفه، لكن بالنسبة لي مثلا، واعتقد ايضا ان الأسباب ذاتها ربما هي التي دفعت البقية الى المقاطعة، فان المقاطعة كانت مشجعة لان السلطة بدت ضعيفة، او هي بحاجة الى قوى مدنية ووطنية لادارة الدولة والمشاركة في انتشال البلد من حالة الركود والجمود التي يمر بها. كان هذا واضحا من النداء المباشر الذي اطلقه الامير الراحل المرحوم الشيخ جابر الاحمد، ودعا فيه التجار الى العودة والمشاركة في الانتخابات. باختصار بدا لنا الوضع مناسبا لــ «ابتزاز» اكثر، واعتقد ان هذه هي الكلمة المناسبة في عالم السياسة، بغض النظر عن خشونتها. فرئيس الحكومة في ذلك الوقت اعلن بوضوح لا لبس فيه «..ان هناك العديد من المواطنين الذين بنوا الكويت بسواعدهم واموالهم، قد آثروا البقاء بعيدين عن المجالس التشريعية لسبب او لاخر، بينما المصلحة العامة تتطلب وجودهم في هذه المجالس للاستفادة من خبرتهم وكفاءتهم واخلاصهم لوطنهم. جابر الأحمد بيان 24 حزيران لسنة 1970». لهذا بدت لنا المقاطعة خيارا افضل. لكن السلطة كما هو معروف لم تستجب لمطالب القوى الوطنية واجريت الانتخابات من دون «تشذيب» للجداول الانتخابية، اي حذف وشطب الناخبين الذين لا ينتمون للمناطق او العناوين التي سجلوا عليها. طبعا شجع السلطة على التمسك بقرارها باجراء الانتخابات حسب الجداول «الملعوب» بها نزول جماعة الطليعة وشخصيات وطنية لها وزنها مثل محمد الرشيد وضاحي العجيل وراشد الفرحان وسالم المرزوق وعلي الغانم وآخرين ممن لا تحضرني اسماؤهم.
مجلس 1971 كان معقولا رغم غياب التجار عنه – علي الغانم وسالم المرزوق لم يكونا ممثلين عن الغرفة وان كانا بالطبع قريبين منها – وتشكيل اول حكومة قوية من التجار، ضمت زعامات سياسية وخبرات قيادية لاول مرة اعطى وزنا وحجما لمجلس الامة. فكان افضل المجالس في تاريخنا السياسي، رغم ان المجلس الاول كان الافضل بكثير بسبب وجود التجار فيه. الا ان مجلس 1971 كما ذكرنا عوض هذا بوجود التجار في الحكومة.
الذين شاركوا في انتخابات مجلس 1971 اعتقد بنوا قرار المشاركة بناء على الثقة في «السلطة». خصوصا ان رئيس الحكومة في ذلك الوقت مهد للانتخابات ببيان «انقلابي» تعهد فيه بالاصلاح وحدد الاهداف والطموحات التي يتطلع لها. ومن حظهم، وطبعا من حظ الكويت قبلهم، ان السلطة كانت جادة وعاقدة العزم بالفعل على الاصلاح، فكان ان عاشت الكويت نتيجة توافق القوى الوطنية والسلطة عاشت عصرها الذهبي اليتيم مع الاسف.
هذا يدفعنا الى التساؤل المشروع، اذا كانت القوى الوطنية مجتمعة قبل الانتخابات وبعدها، منحت الثقة للسلطة في السبعينات رغم تعنت السلطة واصرارها على مواصلة العبث في الجداول الانتخابية فلماذا يتم حجب الثقة عنها الان وهي لم يبدر منها الا العزم على استعادة البلد الذي اشرف على الضياع او هو ضاع كما اعلن حضرة صاحب السمو..؟
قد يقول قائل اننا الان توافرت لنا خبرة متواترة من الفساد والعبث السياسي الحكومي، بحيث انه من الصعب الوثوق بعده بنوايا السلطة. على عيني وراسي.. وبالفعل اخذنا كفايتنا من الاحباط وتعرضنا للكثير من التهميش، خصوصا القوى الوطنية، لكن ألم تكن القوى النافذة في السلطة التي اجريت انتخابات مجلس 1971 تحت هيمنتها هي نفسها القوى التي اسقطت حكومة 1964 الوطنية، وهي التي طردت المعارضة من مجلس الامة وهي القوى التي شرعت القوانين المصادرة للحريات؟.. اكثر من كل هذا، ألم يكن رئيس الحكومة هو نفسه رئيس الحكومة التي زورت انتخابات 1967؟.. فلماذا الله غفور رحيم في السبعينات بينما يصر البعض على عدم اعطاء فرصة للحكومة والعهد الحالي رغم انه واضح من ممارسات العهد انه يحاول جاهدا الفكاك من آثار الماضي؟!
الدكتور الخطيب يقول: ساذج من يعتقد ان السلطة جادة «في محاربتها للأحزاب الدينية. فالتحالف قائم، وسيطرتهم على التعليم والاعلام والأموال لا تزال قائمة، ومقارهم الحزبية منتشرة في كل المناطق في الوقت الذي لا يزال المقر الوحيد للقوى الوطنية الاصلاحية – نادي الاستقلال – مغلقاً لانه ارتكب جريمة الدفاع عن الدستور بنظر السلطة!». لن اعتبر هذا تحريضا من الدكتور على الجماعات الدينية فهو اكبر من ذلك. لكن سأعتبر انه يقصد ان تصدر اشارات واتجاهات «انفتاحية» تؤكد عزم الحكومة على الانعتاق من اسر المجاميع الدينية وهيمنتها. لكن أليس الوقت مبكرا جدا على ذلك؟ بل حتى بعد شهور او سنوات.. ثم كيف نفترض ان تتولى الحكومة حركة الاصلاح او الانعتاق وحيدة؟ كيف لها ان تحقق الاصلاحات وشخصيات وطنية مثل الدكتور الخطيب تصطف مع مجاميع التخلف ضد السلطة؟ ألا يكفي الدكتور الخطيب إعلان صاحب السمو رفضه لتسلط القبلية والعصبية.. وهي اول مرة في تاريخ الكويت السياسي يعبر فيها مسؤول – ناهيك عن امير البلاد – عن رفضه للقبلية والعصبية، فاي دليل على نهج النظام نحو العدالة والمساواة بين مواطنيه اسطع من هذا الدليل؟ ام يريد الدكتور الخطيب ان يبطش النظام بالاحزاب الدينية ويتعسف في التعامل مع مناوئيه حتى يصدق انه تخلى عن الانحياز لهم؟!
ان مسيرة التحول الديموقراطي بطيئة، وربما مملة. والمفروض في الدكتور الخطيب ان يوسع صدره وان يساهم في هذه المسيرة بدلا من محاولات ازهاقها وهي في المهد.
الدكتور احمد الخطيب كتب مقالاً مطولاً يوضح فيه انه ليس مع جماعة المقاطعة او الاحزاب الدينية بالتحديد، وانه اضطر لاستقبالهم بحكم الضيافة العربية لانهم «عزموا» انفسهم على ديوانيته! تلمسنا مقدار الحرج الذي وجد الدكتور نفسه فيه بسبب اصطفافه الاجباري او الاختياري مع الجماعات الدينية، يكفينا نحن هذا الحرج، لكن الكويت تستحق اكثر من ذلك.. تستحق ان يبادر الدكتور ويدين نهج جماعة المقاطعة التام بما فيه مقاطعة الانتخابات، او على اقل تقدير يترفع عن تأييد المقاطعة ويكف عن التشكيك في نوايا السلطة.
***
سعادة الرئيسة
لست متأكدا تماما، لكن اعتقد ان السيدة معصومة المبارك هي اكبر المرشحين في الانتخابات الحالية. هذا يعني ان كنت مصيبا، ونجحت ايضا السيدة المبارك، فانها ستكون اول شيعية واول امرأة تترأس مجلس الامة.. بركات غياب جماعة المقاطعة.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
ختام المقاله ذات مغزى ومغزي
بدايه السبعينات في الجامعه بالستيت ، كان فى پوستر لغوريلا متربع وشابك إيده على راسه ، ومكتوب تحت ( عندما عرفت على جميع الأجوبه ، غيرو الأسئله .
إلحين هـذه الصوره تعبر عن وضع المعارضه ، تغيرت قواعد الممارسه السياسيه ، بالإلتزام بالدستور وتطبيق القوانين يعنى بدايه عهـد جديد من الدوله المدنيه (civilised ) .