
كل من يعرف الكويت ويتابع رحلة إنطلاقتها وتطورها الصعبة بكل نجاحاتها وإخفاقاتها يدرك العزيمة والهمة التي تحيط بقيادتها العليا والتي جعلت من هموم إدامة التنمية واستمرار التحديث ومتابعة التطورات الكونية وإنعكاساتها الداخلية مسألة ستراتيجية محضة وهما يوميا, والرغبة الأميرية التي أعلنها سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد بنقل الكويت نقلة حضارية وتنموية وبقوة زخم مرحلة الإستقلال الوطني وصولا الى مرحلة السبعينات الزاهرة تمثل اليوم حجر الزاوية في تشييد البناء الوطني والمستقبلي الذي يحقق الحلم بتحويل الكويت لورشة عمل تنموية ضخمة بما يتوافر لها من إمكانيات وقدرات مادية وبشرية وبما تختزنه قدرة وعقل القيادة العليا من طموحات واهداف وآمال وبما يتجاوز كل ظروف واحوال الأزمة الطارئة وحالة الحراك الوطني الشامل الذي يهدف الى التغيير والإصلاح نحو الأفضل والأكمل وليس الأسوأ, فليس هناك خلاف وطني على وحدة واستقرار وسيادة وأمن الكويت ولا على مسألة تعزيز الديمقراطية وربطها الصميمي بملف الوحدة الوطنية فالمسألة الملحة ان تكون الكويت او لا تكون… وتلك هي المسألة. جوانب القصور والترهل في الإدارة الكويتية قد شملت للأسف قطاعات عديدة وأصابت بروتينها القاتل ومنحنياتها الصعبة قطاعات حساسة تمثل رموزا وطنية ذات مغزى في تاريخ الكويت المعاصر, فالحالة المتردية التي وصلت مثلا حال الخطوط الجوية الكويتية تعكس ازمة إدارية حقيقية وتشكل حجر عثرة خطير أمام تفعيل خطة التنمية وتحويل الكويت مركزا ماليا واستثماريا فاعلا ومهما في المنطقة في ضوء التنافسية الشرسة الحالية, فتلك الخطوط العريقة بطائرها الأزرق الذي كان يمثل ذات يوم رمز الجودة والإتقان والتحديث عاشت خلال المراحل الماضية أوضاعا قلقة وأزمات صعبة وبشكل هدد مسيرتها فكان لابد من إصلاح الموقف ووضع خطة عاجلة لإنقاذ رمز من الرموز الوطنية الكويتية وإنتشالها من وهدة الفشل والتراجع المؤدي للإنحسار, وكان تعيين مجلس إدارة جديد يقف على هرمه الكابتن والإعلامي والسياسي والوزير السابق سامي النصف وهو احد أبناء تلك المؤسسة الوطنية العريقة بمثابة الإختيار الناجح والتطبيق الميداني لمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب , فالنصف يمتلك إلى جانب الخبرة الميدانية الرؤية الواسعة , والخيال الخصب والإدارة الحاسمة التي ستمكنه من بلوغ الهدف وتحقيق جانب من جوانب تطلعات وطموحات القيادة الوطنية العليا في زمن صعب وحيث تتضارب وتتصارع العديد من الرؤى والتحولات , ولا يمكن تحقيق الطموحات والأهداف من خلال السباحة في عوالم الخيال وعلى صفحات الورق فقط بل من خلال النزول للميدان وتغيير الهياكل والقوانين والإجراءات المتخلفة والمعيقة لعملية الإنفتاح والتطوير والتركيز بالكامل على تطوير وضعية مطار الكويت الدولي الذي لم يعد يليق أويتناسب حقيقة بمستوى دولة الكويت ولا بدرجات الطموح والتطلع الأميرية الواعدة وخصوصا في منفذ الدخول للأجانب الذين توفر لهم السلطات ألامنية فيزا الدخول السياحية من خلال “الكاونتر” الخاص بذلك والذي يمثل في رأيي صورة متخلفة حيث ينتظر صاحب الجواز الأجنبي “الأوروبي والأميركي والآسيوي” أحيانا ساعات طويلة من أجل وصول موافقة امن الدولة! ثم بعد الوصول والختم يتم الخروج بطريقة أشبه بالفوضوية!! فالدخول مثلا لمطاري دبي اوالدوحة يتم مباشرة من خلال بصمة العين الإلكترونية ودفع قيمة التاشيرة من خلال بطاقة الإئتمان ليتم كل شيء بسلاسة وبصورة حضارية بعيدا عن الإجراءات المتخلفة التي تذكرني بطوابير البعثيين في العراق? تحقيق التطلعات الأميرية ودخول الكويت ضمن قطار التنمية الشاملة ودخول سوق المنافسة الدولية يحتاج الى تغيير الكثير من الواجهات والقوانين والإجراءات التي تجاوزها الزمن فالكويت التي كانت الرائدة في التطور والتنمية والعصرنة ليست اقل من دول المحيط المجاور ولا يصح بالتالي أبدا أن تتخلف عن الركب, طموحات أميرية كريمة مقرونه بطاقات إدارية وطنية كويتية مخلصة وبخطة وطنية شاملة لتغيير حزمة القوانين والإجراءات المتخلفة ستجعل الكويت تعيش وضعا تنمويا إنفجاريا جديدا لا محالة, وهو المطلوب.
* كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق